رفض عدد من الأكاديميين ورجال أعمال ومواطني محافظة صبيا، المبالغة في حفلات التكريم التي تُنظم لمديري الجهات الحكومية المتقاعدين، مطالبين بوضع آلية تحد من الهدر المالي. وعلمت «الشرق» من مصادر خاصة أن الأهالي بدأوا في ترتيبات عقد اجتماع للنظر في وضع آلية لحفلات التكريم، والحد من ظاهرة جمع المبالغ الطائلة، وسترفع التوصيات لمحافظ محافظة صبيا. وكان حفل تكريم محافظ محافظة صبيا السابق ومدير التعليم، أثار ردود أفعال واسعة في مجتمع المحافظة وعبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد تداول تكاليفه التي وصلت (بحسب ما ذُكر) إلى أكثر من 700 ألف ريال، فيما تنوعت الهدايا المقدمة بين سيارات كبيرة وسيوف وساعات غالية الثمن وقطع أراضٍ وعديد من الهدايا العينية. من جهته، نفى محافظ صبيا محمد بن عباس حكمي، تبني المحافظة التكريم ودفع أموال باهظة فيه، مؤكداً أن التكريم جاء من قِبل الأهالي وليست المحافظة، وأضاف «المحافظة لم تتبنَّ التكريم ولم تدفع ريالاً واحداً، وسنضع في الحسبان قريباً وضع آلية للحد من التكريم المبالغ فيه، وينبغي أن نعي أن التكريم هو تكريم معنوي لا تكريم مادي، وسنعمل على هذا قريباً في المحافظة». حسن إسحاق أما عميد القبول والتسجيل في جامعة جازان وعضو المجلس البلدي في صبيا الدكتور حسن بن عبدالله إسحاق، فتساءل عن حظ صغار الموظفين من التكريم. وقال ل»الشرق»، إنه مع تكريم كل من بذل جهداً مشكوراً في خدمة أهله ومجتمعه، سواء كان طالباً أو عاملاً أو موظفاً بسيطاً أو مسؤولاً كبيراً، وأضاف «ليس شرطاً أن يكون التكريم في آخر المطاف، فقد تكون ساعة الأجل قد حانت في حين ننتظر لحظة التقاعد عن الخدمة لتكريمه، ولكني لا أؤيد التكريم في صورته التي انتشرت هذه الفترة، وهو ما يُخص به كبار المسؤولين ومديري الإدارات، فأين حظ صغار الموظفين من التكريم؟». وتابع «نحن نعلم تماماً أن العمل المؤسسي لا يقوم على الأفراد، فإن كان ولابد من تكريم المسؤولين فعلى الأقل يكون تكريماً داخل المؤسسة، ولا يتحمله بعض الأعيان باسم المجتمع لأن تحملهم ذلك فيه إشارة واضحة إلى فساد قد حصل من المسؤول المتقاعد أو تواطؤ قد يحدث مستقبلاً من المسؤول المعين، فكل موظفي الدرصولة قد خدموا بمقابل، فما الذي يجعل تكريم المسؤول أمراً ملحاً، ولو كان التكريم في صورته الحالية أمراً مستحقاً فلن تبخل الحكومة في تكريم المخلصين من موظفيها». فهد قلم وأكد رئيس الغرفة التجارية السابق ورئيس اللجنة المحلية في صبيا المهندس فهد قلم، ل»الشرق»، أن تكريم المحافظ ومدير التعليم واجب على الجميع، لكنه يرفض التكريم بالصورة الحالية، وتساءل «لماذا أصبحنا نبحث في كل تكريم عن سيارة، وهم في الأصل ليسوا بحاجة إليها ولا أقلل بحديثي من شأنهم، لكن يظل المبدأ والواقع هو المطلب الملح». وأوضح أن التكريم له أنماط وأشكال وليس الهدف منه مادياً، مبيناً أنهم في اللجنة المحلية في صبيا كرموا مدير عام الهيئة الملكية في ينبع الدكتور عقيلي خواجي، وعميد كلية المجتمع السابق في جازان الدكتور عبدالله باصهي، وغيرهما، تكريما يليق بهم وبعيداً عن التكاليف المادية الباهظة. وطالب القلم الجهات المنظمة لحفلات التكريم بوضع آلية تحد من الهدر المالي. محمد الأعجم وذكر الناشط الاجتماعي محمد الأعجم، أن التكريم حق مشروع متى ما رأى الجميع ذلك، لكن أن يكون بالصورة المبالغ فيها فهذا الأمر يرفضه الشباب، خصوصاً وأنهم وقفوا على رجال الأعمال في صبيا بهدف دعمهم بملاعب رياضية وصالات ترفيهية ولم يجدوا منهم تجاوباً، وأضاف «اليوم نرى مئات الألوف تُجمع لتكريم محافظ لايزال على رأس العمل ومدير تعليم سابق لم يمضِ في عمله سوى خمسة أعوام». وتابع «كنت أُفضل أن تذهب هذه الأموال إلى دار الأيتام في جازان لتوفير ما يحتاجونه، ونحن لا نقلل من شخصية أي أحد، لكننا نطالب بتوظيف الأموال لتصب في مصلحة إنسان الوطن وتنميته». إلى ذلك، ذكر مدير مدرسة في صبيا (تحتفظ «الشرق» باسمه)، أن الإدارة المدرسية حضرت قبل حفل التكريم لجمع الأموال للتكريم، وأضاف «رفضنا هذا الأمر لأنه يخالف التعليمات، ونحن نأمل أن تكون علاقتنا جيدة بالإدارة المدرسية، وأن لا يكون رفضنا عائقاً لدعم المدرسة مستقبلاً». وأكد أن مدير التعليم السابق من خيرة المديرين ويستحق التكريم، لكن ليس بطريقة جمع الأموال، لأن هناك وسائل أخرى لتكريمه بعيدة عن الماديات.