ينتمي إلى حالة من حالات الشعر، وجمال عبقريّة الطبيعة، الذي قال «أتحدى مَن إلى عينيك يا سيدتي قد سبقوني»، فسبق غيره ليوثّق تجربته تجاه «الأنثى» حتى لا تَرى نفسها إلا عبر مرآته، لذا كان حديث الباحثين عن الرسم بالكتابة، في حين أنه مازالت الذواكر مُتخمة بنصوصه، زاهية اللون، والحسّ، والحياة. الشاعر السوريّ نزار قبّاني فتحَ أُفقاً جديداً من الدهشة، حتى عد شعراء مقولته الشهيرة «السلام مع المرأة يُنجب أطفالاً، ولكنّه لا يُنجب شعراً» مجازيّة وصائِبة، وآخرون يرون أنه لولا كتابته عن الأنثى لما كان محلّ اهتمام النقّاد. «الشرق» التقت بشعراء أثاروا الساكن من الحديث في هذا الجانب. قلق أبي الطيّب عمري الرحيّل ابتدأ الشاعر والإعلامي عُمري الرحيّل الحديث قائلاً «السؤال الأهم، هل يقصد نِزار بالسلام (الزواج)، لأنهُ إذا كان يقصده، فهو إلى حدٍّ ما قد أصاب، لأن العاطفة في الشعر محصلة الفقد، والزواج نوع من الامتلاك الدائم الذي يفضي إلى السلام في المشاعر»، وبالتالي «يختفي الشعر، وتبقى العواطف الباردة، ولكل شيء نهاية، ونهاية الحب واضمحلال الشعر يكون بتتويج هذه العاطفة بالزواج، الذي يتحوّل إلى سكن آمن، بعيداً عن تقلبات الشاعر ومزاجيته، التي لا تقف عند حدود امرأة، حينما كان يتمرد على تحذيرات الأنثى عندما تهمس في أُذن صديقتها «اللي ما يتزوجك مستحيل يكون يحبك»، بينما الشاعر الذي يبحث عن الشعر في عيون امرأة عابرة لا يعنيه هذا الأمر، وتجدهُ هارباً من هذا السلام، لأنه يبحث عن ثورة في الشعر تجعله قلقاً كقلق أبي الطيب». مسمّيات «مطاطة» خلفان الثاني رأى الشاعر العماني خلفان الثاني أن «المرأة مبدعة، وملهمة للإبداع، لكن ليس بالضرورة أن نحولها إلى «ماكينة تفريخ» تحت مسمى السلام، أو غيره من المسميات المطاطة». وقال إن «المرأة هي الوحيدة القادرة على تفجير عيون الشعر، كما أن دواوين نزار لو لم تسكن المرأة فيها، لما أُشبع نقداً وتمحيصاً، ولما عُرف نزار أصلاً». السلام «مُلهم» سعود الصاعدي أما الشاعر الدكتور سعود الصاعدي، فقال إن «ما يقصدهُ نزار هو أن المرأة لا تكون ملهمة إلا حين تدخل في صراع الحب مع الرجل، ومعلوم أن جاذبية المرأة، وسحرها، في نظر المبدع، مرتبط بعدم الوصول إليها، لتبقى أشبه بالأمل الذي يلوح، والأفق مفتوح، وهنا تصبح المرأة موضوعاً شعرياً، وليست ذاتاً». وتابع «في حين أن السلام مع المرأة يطفئ لوعة الفقد، وتصبح المرأة حينئذ حقيقة ماثلة لا مجازاً إبداعياً، والشعر قائم على المجاز في لغته وصوره، وهو نتاج المخيلة، لذلك أجد مبرراً فنياً ومنطقياً لقول نزار، لكن هذا لا يعني قبول قوله على إطلاق، وعدم وجود استثناءات تكسر القاعدة النزارية، إذ من الممكن أن يكون السلام مع المرأة ملهماً، لكن بشكل أقل مما هو عليه حين توقد الحرب جذوة الحب». حصانة أدبيّة علي الريّض أكد الشاعر علي الريّض أن دهشة نزار «كانت تكمن في دخوله لأماكن شائكة لا يدخلها إلا شاعر متفرّد واثق من نفسه، ولديه حصانة أدبية وتراكمية عالية الجودة، وغالباً الذين يختلفون معه أقل منه بكثير من ناحية فهم الشعر، وكانوا محاطين بسياج الدين والعادات والتقاليد». وأردف «نزار كتب في البيت رأيه الأدبي، الذي نتفق معه ونختلف، ويوضّح فيه أن الشاعر يكون مع الزوجة متصالحاً مع نفسه، والاختلاف تكون نتيجته في النهاية إلى السلام، أما مع الحبيبة فتكون المشاعر ثائرة بين شد وجذب، وفراق ووصال، وانتظار ولهفة، ولقاء عابر، وجميع هذه الأشياء مجتمعة، أو أحدها، هو الذي يولّد شعراً فيه تناقضات ومتعة، وهذا هو الشعر». الشعر يُنجب اختصر الشاعر عقاب الربع حديثه في هذا الجانب، بقوله إن «السلام مع المرأة ينجب كل شيء: الأطفال والشعر والباقيات الصالحات».