كان مشهداً مهيباً ما شاهدناه على شاشات الفضائيات المصرية والعربية أول من أمس وهي تتابع استفتاء الشعب على دستوره الجديد، دستور ما بعد ثورة يناير، الذي يأمل المصريون أن يقفز بهم إلى مستقبل أفضل على كل المستويات. هيبة المشاهد التي رأيناها لم تكن فقط في هذه الحشود الجماهيرية غير المسبوقة أمام لجان الاقتراع، بل كانت أيضاً في الحضور النسائي المبهر من مختلف الأعمار، الذي يعكس بوضوح إصرار المرأة المصرية على الإسهام الحقيقي في رسم المستقل، سواء بالموافقة على هذا الدستور أو الاعتراض عليه.رأينا المرأة المصرية وهي تقف ساعات طويلة أمام اللجان لتدلي بصوتها، وكأن الرغبة في دفء المستقبل سلبت منها أي إحساس ببرودة الجو! رأينا أيضاً مسنات ومريضات وعاجزات رأين في عافية الوطن شفاء لأجسادهن المثقلة بتعب الزمن. ولكن لأننا في عصر الانتهازية السياسية، كان لا بد من بروز صورة أخرى تحاول تعكير هذا المشهد المهيب، ومع الأسف الشديد كان لمن يطلق عليهم «النخبة» الدور الأبرز في تلك المحاولات البائسة والمخجلة، إذ رأينا من هؤلاء من يخرج علينا بتصريحات لا تليق بالمراهقين، فيقول إنه «لن يعترف بالإرادة الشعبية التي ستفرزها صناديق الاقتراع»!، ورأينا آخر يصف الشعب بأنه «جاهل»، لمجرد أن المؤشرات الأولية لم تأت على هواه السياسي! على أية حال، فقد أظهرت نتائج الجولة الأولى أن نسبة الموافقين على الدستور الجديد %57 في مقال %43 للذين رفضوه، على الرغم من أن هذه الجولة تضم النسبة الغالبة من النخب وأتباعهم والفلول وأتباعهم، ما يعني أن الجولة القادمة بالنسبة للنخب «تحصيل حاصل»، وأن نسبة المؤيدين للدستور سترتفع كثيراً في الجولة الثانية، وهذا ما يفسر بوضوح «طيار عقل» النخب!