الدمام – سحر أبوشاهين خبير في مكافحة العدوى: تعاقد المؤسسات الصحية مع مغاسل غير مؤهلة ينقل المرض للأصحاء. كشفت جولة قامت بها «الشرق» على عدد من مغاسل الملابس، افتقار الغالبية العظمى منها لأدنى معايير النظافة، وتعاني من ضعف الرقابة عليها، حتى أن الأحواض المستخدمة في بعضها مغطاة بالطحالب وباتت سوداء اللون من شدة «القذارة»، كما أن العاملين عليها كثيراً ما يخلطون ملابس أشخاص مختلفين في مكان واحد للغسل، مما يتسبب في نقل عديد من الأمراض الجلدية المعدية كالجرب والتينيا الملونة وغيرها، كما يتم التعامل مع الملابس دون مراعاة لقيمتها حيث لا توجد معايير محددة لوضع المساحيق التي قد تؤدي إلى إتلاف ملابس قد يزيد ثمن القطعة الواحدة على الألف ريال دون تعويض العميل المتضرر بريال واحد، لعدم وجود قانون يجبر هذه المغاسل على التعويض. وقد استطلعت «الشرق» آراء عدد من المواطنين، الذين اشتكوا من تلف كثير من قطع الملابس التي غسلوها في محلات الغسيل، والأخطر من ذلك تعرضهم للحساسية وتبقع الجلد ببقع حمراء بعد ارتدائهم ملابس غُسلت في تلك المحلات. شكاوى وتذمر يقول المواطن ماجد علوي السادة إنه اعتاد غسل ملابسه في مغسلة بالقرب من منزلهم، ولم يتعرض لأي مشكلات، حتى اشترى المغسلة مالك آخر واستبدل العمال، حينها بدأ يعاني من احتكاك واحمرار في الجلد، وتذكر سارة توفيق أنها خسرت فستاناً قيمته 600 ريال بعد غسله في إحدى المغاسل، حيث خشيت أن تفسده بغسله في المنزل، لتفاجأ لدى تسلمه بأن الفستان تقلص طوله، بحيث لم يعد بالإمكان ارتداؤه، وفي مرة أخرى أرسلت بطانية مع «الشراشف» فسرقوا البطانية وأعادوا الشراشف فقط، كما اشتكت رشا أحمد علي من تغير لون الملابس، حيث تحوّل لون بلوزتها الزرقاء إلى الأخضر، وقالت معصومة علي عبدالكريم إنها تسلمت شراشفها من مغسلة وقد بدت عليها آثار لأحذية. مغاسل مركزية وأكدت المختصة في المغاسل المركزية، مديرة إحدى المغاسل التي تتعامل مع فنادق من فئة الخمس نجوم، سناء نيازي (أم محمد)، أن المغاسل المركزية تختلف عن محلات غسيل الملابس الصغيرة المنتشرة في الشوارع، حيث تتعامل مع فنادق ذات معايير عالية، ونوّهت أم محمد لعديد من السلبيات والملاحظات التي رصدتها في المغاسل الصغيرة المتمثلة في الافتقار للخبرة وعدم تطبيق اشتراطات السلامة وكيفية التعامل مع الأنسجة المختلفة والطريقة المثلى لإزالة البقع المختلفة، ودرجة الحرارة المطلوبة لغسل كل نوع من الأقمشة، ونوع المنظفات المستخدمة ومقدار كل نوع، منوهة إلى أن العمالة في هذه المغاسل تدمج وتخلط كل الملابس المتسخة التي تتسلمها مع بعض دون تقسيمها وفرزها، وقد يكون بعضها ملوثاً بالبقع والدم وغيره من إفرازات الجسم، وتؤكد نيازي أن كثيراً من هذه المغاسل تفسد الملابس وتعيدها منكمشة أو ممزقة أو حتى دون إزالة البقع التي أرسل الزبون ملابسه للمغسلة بغرض إزالتها، وفي الوقت ذاته لا يوجد قانون يجبر هذه المغاسل على تعويض العميل لقاء قطع الملابس التي أفسدوها. اشتراطات صارمة أوضح مدير عام صحة البيئة في أمانة المنطقة الشرقية الدكتور خليفة السعد، أن اشتراطات أمانة المنطقة الشرقية صارمة فيما يتعلق بسلامة المغاسل، وتشمل الموقع والمساحة والمبنى وأقسام المغسلة، والمرافق والخدمات والمورد المائي، ودورات المياه وضرورة توفر دورات مياه بمعايير محددة، وسجل للرقابة الصحية للمكان والعاملين، وضرورة أن تكون المغسلة مرخصة. مؤكداً على دور أمانة المنطقة الشرقية في مراقبة تطبيق هذه الاشتراطات والملاحظات التي ترصد عادة عند القيام بجولات تفتيشية فتكون مراقبة منشآت الصحة العامة، التي من ضمنها مغاسل الملابس، على عاتق المراقب الصحي، ويتم الشخوص على المنشأة للتأكد من مدى الالتزام بتطبيق الاشتراطات وتلافي الملاحظات بصورة مستمرة. ملاحظات المغاسل وأضاف السعد «أما عن أخطر الملاحظات التي تكمن في مغاسل الملابس وتسبب انتقال الأمراض فهي: عدم وجود شهادات صحية للعاملين تثبت خلوّهم من الأمراض، تدني مستوى النظافة الشخصية للعاملين في المنشأة، تدني مستوى النظافة داخل المنشأة، وضع الملابس المتسخة على الأرض مباشرة، وضع الملابس النظيفة على الأسطح غير الصالحة للاستعمال، عدم تغطية فتحات الصرف الصحي، عدم تبديل القماش الخاص بجهاز الكي، وضع المنظفات بالقرب من الملابس النظيفة، وضع المنظفات بالقرب من بلاستيك غطاء الملابس، خلط الملابس المتسخة جداً مع الملابس الأخرى وعدم الفرز». انتقال الأمراض ويؤكد الدكتور السعد أن هذه التجاوزات تسبب انتقال الأمراض إلى المستهلك بصورة مباشرة، ويتم التعامل معها بناءً على لائحة الجزاءات والغرامات البلدية وتوعية العاملين بالخطورة ومتابعتها بصورة دورية، وفي حال عدم استجابة المنشأة للتعديل وتكرار الملاحظات بعد التعديل يستجوب غلق المنشأة. وعن فرض الغرامات المالية والإجراءات النظامية على المغاسل، يوضح الدكتور السعد «تم فرض الغرامات المالية والإجراءات النظامية بناءً على لائحة وزارة الشؤون البلدية والقروية بحق كل منشأة تم رصد الملاحظات فيها». تدابير صحية ويبيّن مساعد المدير العام للصحة العامة في المنطقة الشرقية والخبير في مكافحة العدوى الدكتور خالد التركي، أن المغاسل العامة من الأماكن التي تلعب دوراً إيجابياً في المحافظة على الصحة العامة ومنع انتقال الأمراض بين أفراد المجتمع إذا ما راعت في تأسيسها وتشغيلها الاشتراطات والتدابير الصحية المعتمدة من الجهات المعنية في المملكة وعلى رأسها أمانة البلديات في المناطق المختلفة والهيئة السعودية للمقاييس والمواصفات، حيث أصدرت إدارات صحة البيئة في البلديات اللائحة الخاصة بمغاسل الملابس، منوهاً إلى أن إضافة المواد المطهرة تقي الملابس لدى غسلها، وعملية الكي بعد الغسل تقضي على البكتيريا بنسبة تصل إلى 80% وتقي من كثير من الأمراض، ويشترط لذلك تطبيق الاشتراطات الصحية في التشغيل، واستخدام المواد المعتمدة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، وعدم اللجوء لمواد رخيصة الثمن سعياً للكسب الاقتصادي غير المشروع. انتشار الأوبئة ولفت الدكتور التركي إلى أن عدم الالتزام بالمعايير السابقة يحوّل هذه المغاسل إلى مراكز لانتشار الأوبئة والأمراض، ومنها أمراض الحساسية الجلدية التي تنتج عن احتكاك الجلد بالملابس بعد تسلمها من المغسلة، والتي قد تكون غير مشطوفة بعناية بعد غسلها، ووجود بقايا للمنظفات والمطهرات التي غالباً ما تكون غير مطابقة للمواصفات، ومنها التطاير السريع وعدم بقائها، إضافة لدرجة القلوية القياسية للتنظيف وغيرها، وأمراض الحساسية الجلدية قد تنتج عن مواد مهيجة أو تحسسية ويشكو فيها المريض من احمرار وحكة مفاجئة في مناطق الاحتكاك بالملابس المغسولة، خاصة بعد تفاعل هذه المواد في العرق، وقد يصاحب هذه الأعراض الجلدية بعض الانتفاخات الجلدية المؤقتة، ومن الأمراض أيضاً الأمراض الجلدية المعدية، وغالباً ما تنتج هذه المجموعة من اختلاط الملابس من عدة أشخاص في نفس الوقت، ويكون أحدها لمريض بمرض جلدي معدٍ، ومنها الأمراض البكتيرية والفطرية، إضافة لعدم استخدام المواد المطهرة والمنظفة بالكميات والمواصفات المحددة، وعدم استخدام الحرارة الفاعلة، كل ذلك يسمح بانتقال هذه الأمراض إلى القطع الأخرى من الملابس، ومن أمثلة الأمراض الجلدية التي يمكن أن تنتشر من خلال هذه الممارسات الخاطئة مرض الجرب الذي يتميز بالحكة في مناطق معينة من الجسم ويزداد في أوقات الليل، والمرض الآخر الأكثر شيوعاً هو التنينا الملونة، وينتج عن انتقال الفطريات التي تسبب بقعاً بنية اللون في مناطق مختلفة من الجسم، ومن الأمراض الأخرى ازدياد حدة حساسية الصدر لدى مرضى الربو التحسسي، ويعدّ هذا التأثير الصحي من التأثيرات النادرة إلا أنها واردة نتيجة للتعرض للمواد المتبقية في الملابس بعد غسلها بالمنظفات البيولوجية والإنزيمية التي ثبت تأثيرها السلبي لحالات مرضى الربو التحسسي، ولا يتم التخلص الكامل من هذه المواد بعد شطفها بطرق غير كافية وفاعلة. ممارسات خاطئة وتحدث الدكتور التركي عن خطورة بعض الممارسات في انتقال الأمراض الجلدية والبكتيرية والجرثومية من المنشآت الصحية للناس، وذلك عندما تتعاقد بعض المغاسل مع المنشآت الصحية لغسل الأغطية الخاصة بأسرة المرضى دون اتخاذ الاشتراطات والتدابير الخاصة بتناول هذه الأغطية وفصلها بصورة كاملة عن الملابس الأخرى أثناء عملية التسلم والفرز والغسل والكي عن طريق آلات منفصلة وعمالة خاصة. مراقبة مستمرة وشدد التركي على أهمية التفتيش الصحي والمراقبة المستمرة والدورية لهذه المنشآت من خلال الجهات المعنية في المناطق المختلفة، كما ينصح دائماً بغسل الملابس التي يمكن غسلها في المنزل خاصة الملابس الداخلية الأكثر خطورة في حملها البكتيريا والفطريات الضارة، كما يجب من خلال هذا الاستعراض أن نرفع من درجة الوعي الصحي لدى أفراد المجتمع ليكونوا رقباء على تطبيق الاشتراطات العامة والخاصة في هذه المغاسل، والتعاون مع الجهات المعنية من خلال المراقبة المجتمعية والمشاركة في كل ما يخص الصحة العامة لجميع فئات المجتمع. إحدى المغاسل في الدمام