محمد المبارك لعل من أكثر ما يقع فيه الناس خطأ هو ظنهم بأن الإسراف يصنع مفخرة وعزاً أمام الآخرين وهذا ما هو واقع فيه بالفعل كثير من أبناء المجتمع مع الأسف الشديد. مع أن من المفترض أن لا يقع أبناء المجتمع الإسلامي على وجه الخصوص في مثل ذلك لما تؤكد عليه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة من مقت ذلك العمل ونبذه والابتعاد عنه. والسؤال هنا لماذا الإسراف مذموم؟ أهم نقطة في الإجابة هي تضييع كثير من حق الصالح العام ولا سيما الأموال ولما في ذلك من عدم مساواة وتفكر في حاجة الأخ المؤمن وتتضح النقطة الثانية جلية في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع». أما تضييع الصالح العام فلو تكلمنا بلغة الأرقام فإنك سترى العجب العجاب عن النشاط الاستهلاكي في المنطقة.. فعلى سبيل المثال في مجال الأثاث يقدر معدل النمو السنوي لسوق الأثاث في المملكة بنحو %4 ويبلغ حجم هذه السوق ما يزيد على ثلاثة بلايين ريال، وتغير الأسرة السعودية أثاثها ما بين خمس إلى سبع سنوات. وإنتاج المصانع السعودية البالغة 134 مصنعا لا تغطي حاجة الاستهلاك المحلي حيث تسد ما نسبته %35 فقط والباقي يستورد من الخارج. وحجم سوق الملابس الرجالية في المملكة يتجاوز حاجز الأربعة بلايين ريال منها بليون ريال حجم سوق الشماغ والغتر فقط. وأظهرت دراسة اقتصادية أن إنفاق المستهلك الخليجي على العطور ومستحضرات التجميل تعد من أعلى معدلات الاستهلاك في العالم. ونبقى في طامتنا الكبرى وهي مسألة الولائم ولاسيما في الأعراس حيث تظهر وتطفح رائحة الإسراف والتبذير لمن يدخل ويحضر تلك الحفلات والمناسبات والتي لا يدخر صاحب المناسبة وسعا في أن يأتي بكل ما طالته يده من أطعمة وبكميات تسد فقر وحاجة حي بكامله. ولو قيل له أنفق ربع هذا المبلغ في أعمال ووجوه خيرية وتعاونية (لظل وجهه مسودا وهو كظيم). فعلينا أن نتأمل قليلاً وأن لا تكون هذه أعمالنا وأن نتأسى بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبه أجمعين كيف كانوا وكيف عاشوا دنياهم وأن نكون خير خلف لخير سلف.