صوت حائل: نحتاج إلى إعادة نظر في كثير من سلوكياتنا الاستهلاكية التي نمارسها في بيوتنا ومناسباتنا المختلفة، والتي تصل في الكثير من الأحيان إلى درجة التبذير والإسراف المحرم في ديننا الإسلامي بكل أشكاله وأنواعه، والمذموم خلقاً وعرفاً؛ لأنه سفه وعدم احترام لنعمة الله التي أنعم بها على عبده، والتي يحب الله أن يرى أثره على العبد دون إسراف ودون بخل أيضاً؛ فالله عزوجل في كتابه الحكيم ينهي عبده أن يبسط يده كل البسط وفي الوقت نفسه أن لا يجعلها مغلولة إلى عنقه فيقعد ملوماً محسوراً ..وهذا يوضح أن الاعتدال في الاستهلاك أمر مطلوب وضروري ومفصلي، ويجب أن نوليه كل الاهتمام ونأخذ بكل أسبابه، خاصة في الظروف الراهنة التي تشهد تقلبات اقتصادية مخيفة تدفعنا إلى التفكير جيداً في نظام استهلاكنا المفرط والكبير الذي يستهلك معظم دخلنا؛ علماً أن الكثير من مشترياتنا ليس لها حاجة ملحة، وبعضها يُتلف وتنتهي صلاحيته دون أن نستعمله وجلها يذهب إلى حاويات النفايات!. اليوم نحن مطالبون بتكريس ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا، خاصة أننا نعتمد على الاستيراد من الخارج لمعظم احتاجاتنا، وهذا يشكّل خللاً في ميزاننا الاقتصادي، وبالتالي فإن أي مبالغة في الاستهلاك ستكون على حساب دخلنا واقتصادنا العام والخاص.. وفي هذه الندوة يتحدث المشاركون عن ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا، وأهميتها، وآثارها الإيجابية، وتأثيرها على السوق. لسنا منتجين في البداية قال «د.عشقي»: إنه لابد من إعادة النظر في وضعنا الاستهلاكي، بل ونفكر جدياً أن نكون أمة منتجة؛ لأن ديننا وقيمنا تحثان على الإنتاج، مضيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة بدأ بالإنتاج وعلم الناس كيفية الإنتاج، من خلال موقفه عندما وجد أحد المسلمين يحمل قوساً فارسياً فأخذه من يده وألقاه على الأرض ووطأه بقدمه الشريفة وقال: «التمس لك قوساً عربياً إن قطع وتره استبدلناه بوتر من عندنا»، وفي هذا إشارة أن لا يكون قدرنا في يد غيرنا. وعن تأثير المبالغة في الاستهلاك التي نجدها ماثلة لدى معظم الأسر والأفراد في غلاء أسعار السلع كافة وفي المواد الغذائية خاصة، أرجع «د.كابلي» المشكلة إلى التبذير الاستهلاكي؛ بسبب الأسلوب الخطابي والتعليمي والثقافي في المدارس والأسرة؛ وهذا يعد خللاً كبيراً أفسد الكثير من طرق تعاملنا مع غيرنا ومع أنفسنا، بل ومع من حولنا، وأفسد الكثير من أساليب حياتنا وممارساتنا، مبيناً أننا بحاجة إلى لفت نظر العلماء إلى التركيز على فقه التعامل سواء التجاري والتعامل الخلقي مع الأفراد ومع المجتمع، سواء في المنزل أو الشارع أو العمل أو الحي، مشدداً على أهمية التركيز من خلال المواعظ الدينية وخطب العلماء على أمور كثيرة تتعلق بالمعاملة والأخلاق، ومن ضمنها الإسراف في الولائم والاقتصاد فيها، وكيفية التعامل مع الفائض من الأطعمة في مثل هذه المناسبات، وأن نعلم الناس في الولائم الطريقة الصحيحة في الأكل، فبدل أن نضع «تباسي» كبيرة عليها كميات كبيرة من اللحوم، لماذا لا نعمل بنظام «البوفيه»، ليأخذ كل شخص كفاية من الأكل وفي صحن صغير. بذخ وتبذير وأوضح «د.كابلي» أن محاربة غلاء الأسعار وارتفاعها المستمر لن تتحقق مادام هذا أسلوبنا في الاستهلاك والبذخ والتبذير المفرط، مضيفاً أنها تتحقق بالتربية الأخلاقية؛ لأن الناس لو خففت الضغط على السلع التي تشهد ارتفاعاً مع مرور الوقت ستنخفض أسعارها؛ بسبب قلة الطلب عليها، وهذا يمكن أن ينطبق على أي سلعة ضرورية أو كمالية. وحول أهمية التخطيط في حياتنا وأثره في تقنين الاستهلاك والحد من ارتفاع الأسعار، قالت «د.منال فقيه»: التخطيط مهم وضروري لحياتنا كلها، بل وله دور كبير في الحد من عملية الاستهلاك، فلو استعرضنا الأرقام عن قيمة الاستهلاك عندنا لوجدنا أرقاما خيالية، حيث يصل سنوياً في المواد الغذائية فقط إلى أكثر من (100) مليار، ونحن لم يتجاوز عدد السكان عندنا (24) مليون نسمة، وهذا شيء خيالي وكبير، مضيفةً أن المشكلة هي أننا مجتمع حديث عهد بالحضارة، فالشعوب في كل أنحاء العالم تنتقل من أسلوب حياة إلى آخر، كأن ينتقل من مجتمع زراعي ويتحول إلى صناعي بشكل تدريجي، أما نحن فقد قفزنا قفزات سريعة جداً، ووجدنا أنفسنا نشتري كل ما نحتاجه من الخارج، وكل شيء متوفر، نتيجة الطفرة التي أضرتنا وجعلتنا أمة تعتمد على مانستورده لا ما ننتجه، بل ولم نتعود أن نفكر في أن نتحول من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج، مشيرةً إلى أنه إذا أردنا أن نخطط لكيفية وزن المعادلة فإنه يجب أن نعمل على مستويين الأول: توعية المجتمع بضرورة تقنين الاستهلاك في الأمور التي لا حاجة لها، والثاني المساهمة في ترسيخ ذلك عبر مؤسسات الدولة كوزارة التخطيط والتعليم وغيرها. عقار وسكن وأكدت «ميساء نعمان» على أنه فيما يتعلق بالعقار، لابد أن نغير بعض المفاهيم الاجتماعية التي تعودنا عليها بعد الطفرة، فليس كل مواطن محتاج أن يشتري «فيلا»، وهو لا يزال مبتدئا في حياته، مضيفةً أنه عندما يفكر الفرد في شراء أرض لابد أن يضع في حسبانه احتياجات أسرته عندما يكبر الأولاد، فالمنازل الكبيرة تحتاج إلى مصاريف كبيرة من حيث الخدم والكهرباء والماء وغير ذلك، مبينةً أن الغالبية العظمى من الناس بسبب هجمة الغلاء في كل شيء وخاصةً الأراضي غير قادرة على توفير أهم متطلبات حياتها وهو السكن، بل ومعظم المواطنين من فئة الموظفين يعيشون على الإيجار الذي يتحكم فيه الملاك، حيث وصلت الإيجارات للشقق إلى أرقام كبيرة، مما ساهم في تبذير دخل المواطن مهما بلغ، فتجد أن نصف راتب الغالبية يذهب مصروف للخدمات والإيجار، والباقي بالكاد يستطيع أن يغطي احتياجاته الضرورية الأخرى، وغالباً ما تجده «مديونا» و»مكبلا» بالقروض البنكية، ليتمكن من توفير بعض احتياجاته، موضحةً أن ذلك يزيد من الضغوط النفسية على الناس ويقلل من قدرتهم على الإنتاج؛ لأنهم سيكونون عاجزين عن توفير أهم جزئية في حياتهم وهي السكن. إدارة الحياة وحول المشكلة الحقيقية التي نعانيها في مجتمعنا والتي ساهمت في غياب الوعي الاستهلاكي لدى الغالبية منا، تحدث «عبدالإله عبدالمجيد» قائلاً: لدينا مشكلة حقيقية في إدارة الحياة، ولو عدنا لآبائنا وأجدادنا لوجدنا أن حياتهم الثقافية والمجتمعية بسيطة جداً، لكن عندهم إدارة جيدة للحياة، بل وعندهم إدارة جيدة لتصريف أمورهم، ففي الوقت الذي كان دخل الغالبية منهم لا يزيد عن(300 إلى 500) ريال، إلاّ أنها كانت تفي باحتياجاتهم، كما أن البعض من الممكن أن يدخر منها، مضيفاً أنه كان الابن يتزوج ويسكن مع أسرته في بيت العائلة، ولم يكن أحد من الأبناء يسمح له بالخروج والكل في أحسن حال بزوجاتهم وأطفالهم، موضحاً أن الطفرة غيرت مفهوم المجتمع، بل ولم يستوعبها كل الأفراد بالشكل الصحيح، وكان من أهم سلبياتها الزحف الشديد على المدن الكبيرة من المدن الصغيرة والقرى، وهذا خلق مشكلة كبيرة، وتسبب في ظهور الكثير من الأمراض النفسية لهؤلاء القادمين من خارج المدن الصغيرة؛ لأن متطلباتهم الحياتية زادت عما كانت عليه في السابق، كما أنه أدى إلى تكدس المدن الكبيرة بالسكان وأزمة في المواصلات، وهذا دفع المخططين إلى توجيه جزء كبير من المخصصات للتنمية والبنى التحتية للمدن الكبيرة؛ لمواجهة زيادة عدد السكان ومتطلباتهم، مؤكداً على أن حل كل هذه المشاكل يكمن في معرفة كل شخص كيفية إدارة حياته على قدر ماله. المباهاة ذبحتنا وعن الطريقة التي يمكن معها إيقاف سقف أسعار السلع والحد من ارتفاعه المستمر، قال «د.عشقي»: الإنسان عندما يشتري سلعة يجب أن لا تكون للمباهاة، وأن تكون مثمرة وتسد احتياجاته، فهناك من يقتني جوالاً متقدماً ولا يستطيع أن يستعمله إلاّ لغرض الاتصال والرد على المكالمات، فلماذا يشتريه من الأصل؟، مضيفاً أن المجتمع إذا أسرف أفراده في الاستهلاك وانتشرت بينهم عادة المباهاة والاقتناء، فإن ذلك سيتسبب في أمراض كثيرة في المجتمع من أهمها الجريمة والسرقات والمخدرات، مؤكداً على أن عدم الترشيد يؤدي إلى أنواع عديدة من الاستهلاك، أهمها الاستهلاك الفكري، فمثلاً تجد في المملكة اليوم من يتشبه بمجتمعات أخرى غير إسلامية، وهذا ما يؤدي إلى الانسلاخ من مجتمعه، فيصبح شاذاً بين أقرانه، وهذا ينزلق به إلى الأمراض النفسية، ذاكراً أنه لا يوجد نظام يقنن استهلاك الفرد، ولكن الفرد هو الذي يستطيع أن يضع لنفسه برنامجاً استهلاكياً يتفق مع إمكاناته ودخله. وأوضح «م.علي مراد» أنه يجب التفكير جيداً في الحد من الإسراف في المشتريات؛ لأن ذلك أحد أسباب ارتفاع الأسعار، مشدداً على أهمية التركيز على المنزل والأسرة والتعليم، مبيناً أن التربية تبدأ من البيت والأب هو الذي يثقف أولاده وبناته ويعلمهم عدم الإسراف، ومن خلال هذه التربية تستطيع أن تُكون مجتمعا ملتزما. تأثير البيئة وأكد «د.إيهاب السليماني» على أن البيئة الخارجية تصادر وتغير تربية المنزل، بل وتؤثر على الأبناء سلباً، وهذا يجب أن نفطن له جميعاً، مشدداً على أهمية متابعة سلوك الأبناء وملاحظة أي تغير عليهم لنبادر بتقويمه، وهنا يوجد فرق كبير بين القانون وبين الأخلاق، فالأخلاق تتناول السلوك، وهذا يعني أنك لن تستطيع أن تطلع قانونا يمنع الكذب، أو قانونا يمنع الإسراف، مبيناً أن القانون علاقته بالمعاملات والحقوق، وقد جاء الإسلام ليجمع بين القانون والأخلاق ولمس كل جانب بدقة، مشيراً إلى أنه بالنسبة للاستهلاك قال تعالى: «وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا»، وفي الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بنى بيتاً حمل ما زاد عن حاجته يوم القيامة على كتفه»، وما هو حجم ما سيحمله الناس في هذا الزمان على أكتافهم يوم الآخرة. وقالت «لينا الخطيب»: علينا أن نعي أن الجيل اليوم غير الجيل بالأمس، وأن المتغيرات التي يعيشها الجيل اليوم تختلف عما كان عليه الأمر في عهد الآباء والأجداد، وأن حياة اليوم تختلف عن حياة الأمس، مضيفةً أن الجيل اليوم يعيش نقلة تقنية قلبت كل المفاهيم وغيرت لغة الخطاب والتواصل، ولو حاولنا أن نخاطب جيل اليوم بما تعودنا عليه بالأمس، فإنه لن يفهمنا، مشددةً على أهمية أن نخاطبه بنفس أدواتهم، لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي سطوة كبيرة على عقول الشباب وتفكيرهم واهتمامهم، ناصحةً باستغلال هذه الأدوات في إيصال المفاهيم التي نريدها من الشباب سواء في مجال الحد من التبذير والاستهلاك، أو في التوعية بكل الأخطار التي قد ينزلقون إليها إذا لم يحصنوا أنفسهم من خطر أدوات التواصل. حكومة منزلية وأوضحت «لينا» أن مشكلة الإفراط في الاستهلاك تبدأ من المرأة في منزلها، بل هي التي تستطيع أن تتحكم في الحد من الإسراف غير المبرر؛ لأنها تمثل الحكومة المنزلية، مضيفةً: «يجب أن تحرص على إعداد بناتها على كيفية إدارة بيوتهن عند الزواج، والتخلي عن مظاهر الإسراف التي لها دور كبير في فشل الكثير من الزيجات في الوقت الحاضر». وأكد «د.السليماني» على أن لدينا قيمنا الإسلامية التي لو طبقناها بالشكل الصحيح لما وجدت عندنا أي سلبيات أو مشاكل، لكن الملاحظ أن قيمنا في واد، وتصرفاتنا في الكثير من الأمور في واد آخر، لهذا نحن محتاجون إلى أنظمة صارمة وقوانين تعالج كل السلبيات في حياتنا، فمثلاً الدول التي ليس لديها قيم استطاعت أن تصنع القيم بالنظام والقانون، مشيراً إلى أن القيم التي لدينا ضعفت لدى الكثير؛ نتيجة غياب الأنظمة والقوانين الصارمة التي تجعل كل فرد يعرف ماله وما عليه ويدرك دوره في المجتمع. وشدد «عبدالإله» على ضرورة أن نهتم بحملات التوعية المناسبة لكل الأعمار والأسر، وأن تكون لغتها وأسلوبها علميا دقيقا؛ لتصحيح المسارات السلبية في كل الأمور وفي مقدمتها الاستهلاك والإسراف، متسائلاً: لماذا لا نأخذ من الغرب عاداتهم وتصرفاتهم الطيبة والسليمة التي هي متفقة مع ما أمر به ديننا من صدق ونظام واهتمام بالمصلحة العامة وسرعة في الإنجاز؟، متأسفاً أننا لا نأخذ من الغرب إلاّ الغث من عاداتهم، فمثلاً رغم أننا بلد فقير في المياه تجد البعض يسرف بشكل كبير في إهدارها، كما أننا بدل أن نحول مياه الصرف الصحي إلى ثروة نستفيد منها كما في كل الدول تحولت في مدننا إلى كارثة لتلويث بحارنا وشوارعنا. جمعيات تعاونية وعن الحاجة الى وجود جمعيات تعاونية وأثرها في الحد من غلاء الأسعار والاستهلاك المفرط والتبذير، أوضح «د.الكابلي» أن الجمعيات التعاونية لو وجدت سيكون لها تأثير كبير في التخفيف من الأسعار؛ لأنها عبارة عن شركات متضامنة، مع ضرورة أن يلزم المورد البيع للجمعيات التعاونية بسعر أقل، مضيفاً أن هذا حديث سابق لأوانه؛ لأننا يجب أن نوجد أولاً الجمعيات وقبل ذلك توفير الأراضي مجاناً، والتي يمكن أن نقيم عليها هذه الجمعيات؛ لأن أراضي الجمعيات التعاونية في البلدان الأخرى تمنح مجاناً من تلك الحكومات. وأكدت «ميساء النعمان» على أن الأهمية تتطلب وجود جمعيات تعاونية؛ لأنها ستساهم في خلق روح التعاون في المجتمع وسيكون نفعها للجميع، مضيفةً أن هناك موضوعا أهم وهو ضرورة توفير السكن للمواطن؛ لأن هذا الأمر سيساهم في توفير الراحة النفسية له، وسيساعد على زيادة الإنتاجية؛ لأن الكثير من الموظفين الذين لا يتوفر لهم سكن خاص أقل إنتاجية، خاصةً وهو يرى المتعاقد في أي شركة أو مؤسسة الذي لا يزيد عنه كفاءة يأخذ مرتبا أفضل وبدل سكن أو سكنا على حساب الشركة، إضافةً إلى بدل مواصلات وتأمين صحي، بينما هو لا يجد الكثير من هذه المميزات، وإذا أعطيت له تعطى بنسبة قليلة، مشيرةً إلى أن ذلك يدخله في دوامة؛ لأنه يريد أن يكون مثل غيره، وهو يرى الموظف الوافد يركب سيارة فارهة، ويستمتع كل عام بإجازته في مختلف بلدان الدنيا على حساب الشركة التي يعمل فيها، وهذا من الأسباب التي تجعل المواطن مكرهاً على الدخول في محرقة القروض والأقساط الطويلة. خطة استراتيجية وقال «د.عشقي»: المملكة أكبر دولة مستهلكة في الشرق الأوسط، وبالتالي لابد أن يكون لنا خطة استراتيجية معينة في عملية الاستهلاك، حتى نستطيع أن نؤثر في الدول التي نستورد منها، وذلك بأن نجبرها أن تأتي لنا ببضائع ذات جودة عالية، وثانياً في التعامل معها، مضيفاً أنه لابد أن يكون لنا ثقل في المنطقة، وهذا الثقل لابد أن يكون موظفا بشكل جيد، ويفيد أبناءنا ووطننا وحكومتنا في مختلف القضايا، مشدداً على أهمية حماية أسواقنا من هذا الاستهلاك السيئ لبضائع رديئة تستنزف فيها أموالنا دون فائدة، ذاكراً أن ثقافة الاستهلاك الآن أصبحت الشغل الشاغل للعالم بأسره، وألمانيا التي فشلت في كسب الحرب العالمية أصبحت اليوم قوة عظمى بسبب التصدير والقوة الصناعية والاستهلاك، مبيناً أنه بإمكاننا أن نكون دولة قوية جداً بسبب الاستهلاك إذا خططنا لهذا الأمر بشكل جيد. وعن أهمية ايجاد نظام رادع للتجار للحد من ارتفاع أسعار السلع بشكل غير منظقي، قال «د.السليماني»: الفساد ليس فقط مقتصراً على موظف مرتش أو مسؤول يتلاعب بمصلحة الوطن ويستولي على المال العام، ولا على مشرف على تنفيذ مشروع حيوى لا يهتم بجودة التنفيذ مقابل مبلغ معين يأخذه من المقاول، مضيفاً أن الفساد يشمل كل تاجر يرفع سعر السلع التي يستوردها جشعاً، وكذلك كل تاجر يستورد سلعا مغشوشة ومقلدة، مطالباً بوجود أنظمة رادعة لكل المفاسد التي تمص دم المواطن، مشيراً إلى أن المواطن يجب عليه أن «يفرمل» اندفاعه الاستهلاكي، ويترك عادات الإسراف والتبذير و»الفشخرة»، التي ليس لها مبرر. غير منطقية وأوضح «د.كابلي» أنه لا يمكن إصلاح أي فساد إلاّ بالنظام، والكثير من الزيادات في أسعار البضائع بكل أنواعها مبالغ فيها وغير منطقية؛ لأن التجار يعتمدون على مفهوم حرية التجارة، مضيفاً أن الكثير أخذ المفهوم بمنطق مغلوط وهو حرية زيادة سعر السلعة حسب ما يريد، خاصةً إذا كانت مطلوبة، متسائلاً: أين الأجهزة الرقابية عما يحدث في الأسواق؟، وأين الجهات الرقابية عن غلاء الإيجارات في «المولات» والمراكز التجارية التي وصلت عندنا إلى أرقام فلكية يدفع ضريبتها المواطن؟. وشددت «ميساء» على ضرورة وضع نظام يحد من غلاء أسعار الأراضي في المخططات داخل المدن التي تتوفر فيها الخدمات؛ لتمكين الغالبية العظمى من الناس من السكن، والذي يمثل أهم متطلبات الحياة؛ لأن الأسعار وصلت إلى حد لا يطاق، كما أن تجارة الأراضي ساهمت في ثراء وتخمة أناس محدودين هم تجار الأراضي والعقار على حساب الغالبية العظمى من المواطنين، مشيرةً إلى أن المسألة تحتاج إلى نظام يمنع هذه المضاربات والغلاء الفاحش؛ لأن هذا يعيق حركة التنمية وتطور المدن والسكان. جهات رقابية وشددت «د.منال» على أهمية دور الجهات الرقابية، مع ضرورة أن يكون هناك وعي حقيقي في الأسر بأن المباهاة والبذخ والتبذير خاصةً في مناسباتنا الاجتماعية مرض يجب أن نتخلص منه، فالزمن يتطلب أن نتعلم كيف نخطط لحياتنا، وأن نضع ميزانية نستطيع من خلالها أن نستثمر مداخلينا بالشكل الصحيح والسليم على المستوى العام والخاص. وأوضح «عبدالإله» أن معدلات الاستهلاك في المجتمع وصلت إلى حد كبير، وهذا ناتج عن ضعف الوعي الاستهلاكي عند الغالبية العظمى من المواطنين، خاصةً النساء، وهذا ما ساهم في ارتفاع معدلات القروض من البنوك، وكذلك الضغوط النفسية التي تتبع ذلك، إضافةً إلى ارتفاع معدلات الطلاق بين المتزوجين من الشباب؛ لأنهم غير قادرين على مواجهة متطلبات حياتهم الجديدة؛ بسبب أن الكثير من الفتيات تريد كل طلباتها تلبى دون النظر لقدرة زوجها المالية أو مقدار راتبه. وأوضحت «لينا» أن التوعية مطلوبة وبلغة مناسبة لجيل اليوم، إضافةً إلى أنه من الممكن أن تحقق الوسائل التقنية مفهوم الوعي الاستهلاكي، وتحثهم على التعامل مع متطلباتهم واحتياجاتهم دون إسراف أو مباهاة. أسعار الأدوية.. استنزاف للجيوب دون «تقنين»! أكدت «د.منال» على أن غلاء الأدوية المستوردة من الشركات الأوروبية يشكل صورة من صور الاستهلاك القسري، والتي تذهب بنسبة كبيرة من دخل المواطن، يقابله ضعف جودة الأدوية المصنعة في الدول العربية، والتي بدأت بعض الجهات الطبية تلجأ إليها، مضيفةً أن غلاء معظمها ناتج عن احتكار موردين بعينهم لها، خاصةً أن هناك أدوية مهمة جداً لبعض الحالات المرضية المزمنة وأسعارها مرتفعة جداً، وهذا يتطلب موقف صارم من الدولة، مع كسر احتكار توريد الأدوية؛ لأن هناك بعض الموردين وصل بهم الأمر إلى عدم إدخال بعض الأدوية المهمة والجيدة إلى المملكة، مع إدخال أدوية بديلة عنها أقل جودة وبنفس السعر. وأوضح «د.كابلي» أنه طالب بتكوين لجان خاصة عن الغش التجاري، رغم أن الأدوية التي تستورد من بعض الدول العربية أرخص من الأوروبية والأمريكية، لكن وكلاءها يبيعونها بنفس السعر للمستورد من أوروبا، وعندما تذهب إلى إحدى الدول العربية تجد أسعار الأدوية فيها أرخص من هنا، مضيفاً أن هذا ناتج عن ضعف الرقابة وترك الحبل على الغارب، إلى درجة أن بعض الأطباء في المستشفيات يسرف في صرف الأدوية للمريض بكميات كبيرة ويركز على أنواع بعينها؛ لأنه متفق مع الشركة الموردة لها على نسبة على كل دواء يصرفه، وقس ذلك على مختلف السلع والبضائع التي يحتاجها المواطن، والتي ساهمت في عدم قدرة المواطن على الإفادة من دخله؛ لأن أسعار متطلباته الحياتية زادت ودخله لم يزد. إسراف وغلاء معيشة..»قمة التناقض»! أكد «د.واصف كابلي» على ن الوضع الاقتصادي الذي يمر به العالم يُعد مخيفاً، وهناك دول أفلست وهي ذات موارد اقتصادية متعددة، ولهذا يجب أن نعي هذه الخطر مبكراً، وأن نستعد له بتنوع مصادر الدخل والاهتمام بالترشيد. وقال:»يجب على المواطن الإحساس بالوضع الراهن، مع تغيير أسلوب حياته، خاصةً فيما يتعلق بالإسراف في حفلات الزفاف والمبالغة فيها، وأن تكون لدينا خطط إستراتيجية لتوزيع دخلنا وتنمية مفهوم الادخار»، مشيراً إلى أننا نعاني من سوء إدارة، فمثلاً الأراضي في المدن التي تعاني من أزمة سكن مملوكة للأثرياء، بل ولا يمكن أن تجد أرضاً يمكن أن تبني عليها مشروع إسكان للفقراء، حتى مواقع الخدمات العامة من مدارس ومستوصفات ومساجد وحدائق أصبحت أملاكاًَ خاصة، مؤكداً على أن غالبية المواطنين اليوم يعانون من الدخل البسيط، لا يمكن أن يكون قادراً على مواجهة الارتفاعات المطردة في أسعار كل السلع، ذاكراً أن ملاك الشقق لا يرحمون المستأجرين، وتجدهم كل عام يزيدون الإيجار، مطالباً بإيجاد قانون يحمي المستأجرين من جشع الملاك، مبيناً أنه من حق كل مواطن أن يكون له سكن خاص. وتساءل: كيف سيعيش المواطن الذي راتبه (3000) ريال؟، موضحاً أنه على كل مسؤول إذا أراد أن يعرف الوضع على حقيقته أن يخرج إلى الشارع ويطلع على ذلك بنفسه، لتكون خططنا ومعالجاتنا للسلبيات والمشاكل مبنية على الواقع والمشاهدة والملامسة لها بشكل مباشر، ناصحاً بأخذ جميع الأمور ك»هم وطني»، الهدف منه مصلحة الوطن والمواطن، بعيداً عن أي مصالح شخصية، ذاكراً أن المشكلة في بعض أصحاب النفوذ أنهم يغلبون مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية، وهنا تكمن المشكلة في كل مانراه من سلبيات. وأكد على أننا كدولة بترولية فنحن مستهدفون من جميع الدول المنتجة، موضحاً أن سياسة التسويق المتبعة عندنا تشجع الناس على أن يكونوا مستهلكين، وهذا لأننا لم نعمل على التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، مشيراً إلى أن عملنا لنقل تجارب الدول المنتجة بطيء وغير متكامل، وهذا يتطلب مراجعة سريعة لخططنا المستقبلية، حتى يمكن أن نتحول إلى الإنتاج الحقيقي المعتمد على سواعد أبنائنا وليس العمالة الوافدة، التي نأتي بها من دولها لتتعلم فينا ومن ثم تعود إلى بلادها وقد اكتسبت الخبرة على حسابنا. مقترحات وتوصيات * التوعية الفاعلة عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، والمدارس، والمساجد، إلى جانب استخدام الوسائل الحديثة في التواصل الاجتماعي لما لها من قوة في بث رسائل توعوية مؤثرة؛ للحد من الاستهلاك غير المبرر والتبذير. * توطين أنفسنا على عدم الشراء لأكثر من حاجاتنا؛ لأننا نملك الحل من ذواتنا بما يساهم في الحد من ارتفاع الأسعار، ولكن لابد أن نقبل التحدي مع أنفسنا وأن نفعل مانقول ولا نقول مالا نفعله. * تفعيل قوانين حماية المستهلك، وهي جمعية موجودة، ولكنها للأسف لا تعمل شيئاً؛ لأن هناك مجاملة لرجال الأعمال والتجار ولا تستطيع هذه الجمعية أن تحقق أهدافها مالم تكن قراراتها نافذة ورادعة. * الحد من عدد المولات والمراكز التجارية التي توجد في كل حي وشارع؛ لأن هذه المولات والمراكز وسائل لجعلنا شعباً استهلاكياً على طول الوقت بما تمارسه من وسائل إغراء وجذب. * التحول الحقيقي من شعب مستهلك إلى شعب منتج عن طريق تشجيع الشباب على الدخول في المجالات الإنتاجية ودعمهم مالياً، من خلال مئات المليارات المجمدة في البنوك التجارية.. وتوفير الدعم المعرفي لهم من خلال التدريب والتأهيل المهني والفني. * ضرورة أن يلتفت الخطاب الديني من العلماء إلى المعاملة وأهميتها في توجيه الفرد للتخلص من الكثير من العادات السيئة التي لا تتفق مع ماجاء به ديننا الإسلامي الحنيف. * ضرورة قيام جمعيات خيرية تساعد المحتاجين والفقراء على التحول إلى الإنتاج والعمل بإقامة مشروعات مهنية لجميع المحتاجين؛ ليكونوا أفراداً منتجين؛ لأن معظم الجمعيات الخيرية القائمة الآن تعلم الناس الشحاذة وتزيدهم تواكلاً وفقراً. * ضرورة الحد من غلاء الأراضي غير المبرر في المدن ووقف الجشع الذي يمارسه تجار الأراضي والعقار لتمكين المواطن من الحصول على مسكن مناسب له يتفق مع إمكاناته المادية؛ لأن حصول المواطن على السكن سيساهم في رفع معدلات إنتاجيته. * التأكيد على ضرورة تربية الأسر لأبنائها على أهمية تقدير قيمة الأشياء وعدم الإسراف؛ لأن الحياة لا تستمر على وتيرة واحدة والإسراف والتبذير عادة سيئة ومحرمة ويجب أن يدرك كل الأبناء تنظيم مصروفاتهم بالشكل السليم والبعيد عن المباهاة والاستهتار. * تحكّم مجموعة من الأثرياء وأصحاب المال في أسعار الأراضي والعقار ساهم في زيادة ثراء فئة معينة من الناس لا يتجاوز عددها 5% من السكان، بينما 70% من المواطنين تحت خط المتوسط وأقرب إلى الفقر وحرموا بسبب هذا الاحتكار من الحصول على أهم متطلبات حياتهم وأسرهم وهو السكن المناسب في المناطق التي تتوفر فيها الخدمات، والتي ما زالت فيها ملايين الأمتار المربعة من الأراضي بيضاء وخالية وسط مدننا. * منع استيراد السلع الرديئة والمقلدة منعاً باتاً وإنزال أقصى العقوبات لمستورديها ومروجيها والمتاجرين بها؛ لأنها تؤدي للاستهلاك واستنزاف جيوب المواطنين في سلع سريعة التلف وذات أضرار كبيرة على الاقتصاد والسلامة العامة والبيئة. * التركيز على جودة السلع المستوردة إلى أسواقنا المحلية بما يساعد في إطالة عمرها الافتراضي خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت توجه المستوردين خاصة للسيارات والأدوات الكهربائية والمنزلية إلى قلة العمر الافتراضي لهذه البضائع وحاجة المواطنين لقطع الغيار والصيانة المستمرة لها مما يزيد في الاستهلاك. * كسر احتكار توريد الأدوية على موردين معينين؛ بسبب تحكم هؤلاء الموردين في أسعار الدواء دون رقيب أو حسيب، خاصة أن الدواء من الحاجات الضرورية للحياة ولا يجب أن نترك توريده حكراً على فئة معينة من الموردين الذين يتحكمون في أسعاره كيف شاءوا، كما أن بعض الموردين لا يسمح بدخول بعض الأدوية الجيدة من أوروبا للسوق السعودي ويأتي ببديل عنها مصنعة في دول أخرى أقل جودة وتأثير طبي ويبيعها بنفس سعر الأدوية الأوروبية. المشاركون في الندوة