عبدالعزيز محمد هنيدي كنت معكم في حوار حول أثرياء المملكة الذين بلغ عددهم (1265) بليونيراً، وهم الذين احتلوا المركز الأول في قائمة أثرياء الشرق الأوسط، وبلغت ثرواتهم (230) بليون دولار حسبما ورد في مقال الكاتبة السعودية بدرية البشر، التي أشارت إلى أن (14) ثرياً من أغنى أغنياء العالم قاموا بتقليد (بيل جيتس) فتبرعوا بنصف ثرواتهم! بينما لم نسمع عن أثريائنا سوى بناء مساجد وتركها بدون صيانة وعدم تأمين مؤذن وإمام وخادم للمسجد، والاكتفاء بالتبرع ببرادات المياه وطباعة بعض المطويات والكتب الدينية إلا من رحم ربي من الأثرياء السعوديين القلائل الذين تركوا وراءهم أعمالاً خيرية متميزة ومتكاملة ومستمرة، وناشدت أثرياءنا أن يعودوا لما ورد في القرآن الكريم عن فضل وأهمية الإنفاق في سبيل الله؛ حيث قال تعالى {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}الحديد 7، وقال تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}الحديد 23، 24، وكتب التفسير تشير إلى أن الأموال التي تحت أيدي الأثرياء هي استخلاف من الله تعالى يعطون منها حق السائل والمحروم، وينظر الله ما يصنعون بتلك الأموال الطائلة بعد أن أمرهم بالإنفاق في سبيله تعالي، ووعدهم بالأجر الكبير والفوز بالجنة والنجاة من النار، كما أن الله -عز وجل- حذرهم من الحزن والقلق عندما يتعرضون للخسارة وفوات الأرباح لأن هذا يدل على عدم إيمانهم بالقدر خيره وشره، وأن الأرزاق بيد الله تعالى يعطيها ويحبسها عن من يشاء، كما أنذرهم من الفرح (فرح بطر وأشر) بما حققوا من مكاسب؛ لأن هذا يدفعهم إلى الفخر والخيلاء والكبرياء لاعتقادهم أن ما جمعوه من المكاسب هو لقاء جهودهم وعرق جبينهم فقط، بينما كان ذلك بتوفيق الله وكرمه، وسوء تصرفهم أدى إلى البخل وأمر الناس به فقرنوا بين خلقين ذميمين، فالتاجر الفرح المتكبر الفخور بالأموال يتأصل البخل في نفسه ويتولد عنه الإمساك عن الإنفاق ويرتاح لذلك، حتى لا تقل أمواله ولكي يبرر بخله؛ فإنه يسعى ليأمر الناس بالبخل ويُحسنه في نفوس الآخرين وخاصة الذين لديهم استعداد للقبض على الأموال، مما يؤدي إلى نوع من العناد فيصعر خده للمحتاجين من الفقراء والمساكين فلا يعيطهم، والله تعالى أبعد المتفاخرين والمتكبرين والبخلاء عن عظيم حبه، كما أنه تبارك وتعالى غني عن من أدبر وتولى عن طاعته، والبخيل لا يضر سوى نفسه، واللافت للإنتباه أن الآيات الكريمات التي وردت في سياق الآية (7) من سورة الحديد -التي أشرت إليها أعلاه- حثت على الإيمان بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن الإيمان له علاقة مباشرة بالقدرة على الإنفاق في سبيل الله (الآية 8) ثم يسأل الله تعالى مرة أخرى عن من الذي يقرض الله قرضاً حسناً؟ من الذي ينفق في سبيله محتسباً من قلبه بلا منٍ ولا أذى؟ (الآية11) ثم أخيراً يؤكد تعالى في نفس سورة الحديد (الآية 18) أن المصدقين والمصدقات والذين أقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم، ولهم أجر كريم، كل ذلك يؤكد على الأهمية الكبرى للحث على الإنفاق والآثار التي تترتب عليه من الأجر والثواب العظيم من الله تعالى وآثاره على الفقراء والمساكين ومحاربة الفقر وسد الحاجة، وكل ذلك يصب في قنوات التنمية والازدهار، وإسعاد الناس والحفاظ على كرامتهم. ولاحقاً أضع الحلول التي ربما تساعد على الحث على الإنفاق.