قال الناقد الأدبي الدكتور حسن النعمي «إن الرواية السعودية من أجرأ الخطابات التي ناهضت أشكال التمييز والتصنيفات القبلية والمذهبية الموجودة في المجتمع». واعتبر النعمي أن الرواية أدت دوراً تنويرياً في كشف إشكالية التصنيف العنصري، موضحاً أنها أدت هذا الدور دون غيرها من الوسائل الأخرى، في ظل تراجع القصة القصيرة، وانصراف الشعر لذاتيته، وانشغال الإعلام بقضاياه الدعائية. واستعرض النعمي، في محاضرة عن «الخطاب العنصري في الرواية السعودية»، ألقاها مساء أمس الأول في أسبوعية عبدالمحسن القحطاني، عددا من الروايات التي لامست الخطاب التصنيفي، وأكدت دور الفن في استقراء كافة الخطابات من أجل صنع فضاء غير معهود للحديث عما «تواطأ» المجتمع على ممارسته، بطرق حدت من التقارب الانساني بين أبناء المجتمع الواحد. ورغم اختلاف الروايات في تقديم إشكالية التصنيف العنصري، إلا أن النعمي رأى أنها في تناولها لقضية العنصرية قد اتفقت على الرفض، مشيراً إلى أن رواية «القارورة» ليوسف المحيميد، و»أنثى تشطر القبيلة» لإبراهيم شحبي تصلان بالإشكالية إلى درجة المأساة الإنسانية، بينما في رواية «بنات الرياض» يدرج الموضوع بوصفه جزءاً من أزمة الشخوص الإنسانية في مجتمع يكرس هيمنة الخطاب الجماعي على الفردي. وقال «إن رواية «أبوشلاخ البرمائي» لغازي القصيبي حددت معالم الخطاب بوضوح المصطلح، لكن بدرجة ساخرة تخلو من أي خطاب شعاراتي». وأشار النعمي إلى أن الربط بين الرواية والخطاب العنصري يأتي في سياق العلاقة الجدلية بين الرواية والمجتمع، واصفاً الرواية بأنها العين الناقدة والنافذة في طبقات المجتمع، وليس مجرد نص للتوثيق والتأريخ. وقال «إنه من هذه النافذة تتعقب الرواية الظواهر ذات النزعات الإشكالية لمساءلة مكوناتها، وأن من بين هذه النزعات التي تطفو على سطح المجتمع، تبرز مسألة التمييز العنصري بين فئات المجتمع، معتبراً العنصرية خطاباً عاماً قبل أن تكون خاصاً، مضيفاً أنها خطاب تمتد جذوره إلى بدء أزمة الإنسان مع التصنيف العرقي. وفيما يتعلق بالعنصرية في الفضاء الكوني؛ قال النعمي «إن الإسلام تبنى خطاباً مضاداً للعنصرية بناه على مبدأ التقوى والقرب من الدين، والأخوة في الإسلام»، مضيفاً أن كثيراً من الأدبيات تشي بأن سلطة الخطاب العنصري كانت أقوى وأبلغ في التمكن من حيثيات الحياة الاجتماعية للمجتمع العربي منذ فجر الإسلام. ولم ينهِ النعمي محاضرته من دون أن يطرح سؤال الانتماء، ومدى صلته بالخطاب العنصري، ليجيب بأن الانتماء حتمية تاريخية بفعل الموروثات الخارجة عن إرادة الانسان، بينما العنصرية سلوك يحدده الإنسان تجاه الآخر، فاذا كان الانتماء حتمياً، فإن العنصرية اختيار يمكن تجنبه بشرط توفر الإرادة الحضارية والتاريخية.