يرفض الخمسيني تركي عبد الله، إطلاع عائلته على وضعه الاقتصادي المتأزم، ورغم توتره الشديد نتيجة هذا القرار، لكنه يفضل أن تبقى زوجته وأبناؤه بعيدين عن هذا التوتر، خاصة مع ارتفاع الأسعار المتواصل خلال الوقت الراهن، موضحاً أن معرفة أبنائه وزوجته بالأمر، لا يحل المشكلة، عاداً إدارة الأمور المالية في المنزل مهمته الشخصية، فهو وحده المعني بحلها، ويشير إلى أن الارتفاع المستمر في الأسعار، مقارنة بالدخل المحدود، يرهق كاهله بالمسؤولية الكبيرة، لاسيما مع متطلبات البيت والأبناء التي لا تنتهي». تخطيط مشترك بينما يؤكد الثلاثيني، فهد صالح، أن مصارحة الزوجة والأبناء حول الوضع المادي، وشرح المتطلبات المالية المطلوبة من الأسرة شهرياً- بغض النظر عن أعمارهم- حل لنصف المشكلة من وجهة نظره. ويبين فهد أن إشراك العائلة في صورة الوضع المالي وإن كان صعباً يعد حلاً للضائقة، مبيناً أن ذلك يشعرهم بنوع من المسؤولية تجاه المصروف، كما يجعل الزوجة أكثر حذراً وتدبيراً للمال عند إنفاقه، منوّهاً بأن عائلته شاركته التخطيط للوضع المالي للأسرة، وباتت علاقته بهم أكثر قوة، مبيناً أن مجرد شعورهم بالمسؤولية، هوّن عليه الأمر. ويبدي محسن خلف استياءه نتيجة إحساسه بعدم تقدير أسرته لوضعه المالي، فسيطرت عليه العصبية والانفعال، وكان يعتبر أبناءه جاحدين لكل ما يقدمه لهم، إلا أنه وبعد مكاشفة أبنائه بوضعه المادي، فوجئ أن إحساسهم بمشكلته، جعله أكثر ارتياحاً، لافتاً إلى أن الحال انقلب؛ حيث بدأت طلباتهم تقل شيئاً فشيئاً، مطالباً بتغيير منهج العلاقات الأسرية، تبعاً لاختلاف الأوضاع الاقتصادية، ويشاركه محمود مصطفى رأيه، بضرورة مناقشة الوضع المالي مع الأسرة، خاصة عند وجود ضائقة مالية. حوار عائلي ويؤكد اختصاصي علم النفس، الدكتور عزت عبد العظيم، أن اطلاع الزوجة والأبناء على الوضع المالي للزوج، يخفف كثيراً من الضغوطات النفسية على الزوج، في ظل الارتفاع المستمر للأسعار، لاسيما عند عجز رب الأسرة عن تلبية بعض طلبات الأبناء، التي قد تفوق قدرته، وينظرعبدالعظيم إلى مصارحة العائلة حول الوضع المالي، بإيجابية كبيرة؛ إذ إن الأمر يعزز شعور الأب بالاستقرار النفسي، ويحد من لومه لنفسه، حين يعجز عن تلبية بعض الطلبات. ويوضح عبد العظيم، أن وجود حوار مسبق بين أفراد العائلة يجعلها أكثر تهيئة لبعض القرارات المالية، التي قد يتخذها رب الأسرة ويجنبهم الوقوع في مواقف مالية قد تفوق قدرته المالية، ويبين أن علم أفراد العائلة بطبيعة الدخل ومقداره وكيفية صرفه يساعد على خلق نوع من التفاهم بين السلوك الحضاري والجديد الذي لابد من اتباعه في ظل الأزمة الاقتصادية، حيث يتم ترتيب الأولويات بالتفاهم. تفهم الأعباء ويوضح د.عبد العظيم أن الرجال بطبيعتهم «يميلون إلى إخفاء تفاصيل وضعهم المالي، خصوصاً عن الزوجة والأبناء، ما يجعل كثيراً من الزوجات تحت إصبع الاتهام بأنهن مبذرات، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى جهلهن بوضع أزواجهن المالي»، كما يشدد على جعل الحياة تشاركيه في ظل الأوضاع الاقتصادية، لافتاً إلى أن اعتراف الرجل بصعوبة وضعه المالي، لا يقلل من شأنه، ولكن يجعل الزوجة وأفراد العائلة في صورة الأمر وأكثر تقديراً وتحملاً للمسؤولية وينوّه عبد العظيم إلى أهمية إدراك الأسرة للنواحي الاقتصادية، حتى تكون قادرة على ترشيد معرفة نفقاتها ودخلها، الأمر الذي سينقل الأسرة إلى مرحلة جديدة قادرة على تفهم الأعباء. ويشرح عبد العظيم أن ذلك يخلق «نوعاً من العذر» لدى رب الأسرة حول عدم إمكانيته تلبية بعض متطلبات أفراد عائلته، ويعزز علاقة إيجابية، يسودها التفاهم، واحترام القدرات الاقتصادية، مشدداً على ضرورة التكيّف مع الوضع الجديد، لذا لا بد من اجتماع العائلة حتى تتحاور، وتضع قوانين تمكنها من تجاوز الأزمة الاقتصادية. تحمل المسؤولية ثم يضيف عبد العظيم»قدرة المرأة على إدارة المال في المنزل تفوق الرجل، فهي تعرف تفاصيل يوميات البيت، تمكّنها من إدارة البيت بشكل اقتصادي رائع، موضحاً أن مرحلة المصارحة مع الأبناء تأتي متأخرة بعض الشيء، بعد سن العاشرة، حيث تكون أكثر فائدة، ويعزز لديه عدم الشعور بالنقص، خاصة مع علمه بإمكانياتهم المادية». ويبين أن ذلك يساعد الطفل على إدارة أموره المالية بالطريقة المناسبة، فيبدأ بتقليد الأهل بطريقة موجهة من قبل الأهل، كما يسهم بإدارة أموالهم وحياتهم بالشكل الصحيح، فلا يشكل ضغطاً على الأهل في مرحلة ما، الأمر الذي يجعل العلاقة بين الأهل والأبناء في صراع قد لا ينتهي، ويؤكد أن المشاركة بحد ذاتها في الأسرة «تجعل العلاقة بين أفرادها أقوى» مبينا أن المشاركة تعني «الثقة، الشفافية، تحمل المسؤولية» لاسيما أن الزوجة تتهم في كثير من الأحيان بأنها «مبذرة» منوّها إلى مخالفته هذه المقولة، واصفاً المرأة ب»أفضل وزير مالية في العالم.