تحوّلت محافظة عدن، أهم مدن جنوب اليمن، إلى ساحة مفتوحة لاستعراض القوة من قِبَل قوى الحراك الجنوبي الداعية للاستقلال وحركة الإخوان المسلمين المؤيدة لاستمرار الوحدة، وذلك في ذكرى جلاء آخر جندي بريطاني عن جنوب اليمن عام 1963. واكتظت مدن عدن المختلفة وساحاتها مساء أمس الأول بتظاهرات ضخمة، حيث حشد الحراك الجنوبي لتظاهرة مليونية للاحتفاء بذكرى الجلاء وتأكيد رفض الحوار الوطني ومطالبة المجتمع الدولي بدعم حق تقرير المصير للجنوبيين. وتوافد عشرات الآلاف من الجنوبيين إلى عدن لحضور المليونية الحاشدة في مدينة المنصورة عاصمة الحراك الجنوبي، والتي لا يوجد فيها أنصار للقوى المناهضة للحراك. واعتبر المتحدث باسم التكتل الجنوبي، الدكتور عبد الحميد شكري، أن «نظام الاحتلال في صنعاء لم يكتفِ بجرائمه ضد الأبرياء العزل بل حول مدينة عدن الآمنة إلى مسرح للقتل الممنهج والفوضى المدمرة، وهي إحدى جرائمه بحق الجنوب منذ حرب 1994». ووصف شكري استقلال الجنوب ب «الحق الشرعي بعد فشل الوحدة وتحولها إلى احتلال»، داعياً جميع القوى الجنوبية إلى إيجاد قيادة تدير الصراع مع «الاحتلال»، قاصدا الشمال. وجدد شكري رفض الحراك الحوار الوطني، وتابع «ليس رفضاً لمبدأ الحوار ولكن رفضاً لقاعدته التي لا تلبي حتى الحد الأدنى الذي يمكِّننا من إنتاج حل موضوعي لقضيتنا». وانتقد شكري دعوة المجتمع الدولي الجنوبيين إلى المشاركة في الحوار الوطني للحصول على حقوق اعتبر أنها ينبغي أن تعود دون شروط، لكنه رأى في حديث المجتمع الدولي عن القضية الجنوبية اعترافاً صريحاً بها. بدوره، اتهم الرئيس الجنوبي السابق، علي سالم البيض، الخارج بالعداء لقضية الجنوبيين تارة وعدم المبالاة بها تارة أخرى. وانتقد البيض، في كلمة إلى المشاركين في تظاهرات الجمعة بعدن، صدور فتاوى عن شيوخ الشمال تبيح قتل أبناء الجنوب في وجود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمرو، واعتبر ذلك انتقاصاً من حق الجنوبيين في الحرية والسيادة. في المقابل، حشد الإخوان المسلمون وأنصارهم عشرات الآلاف من شباب الثورة في مدينة كريتر إحدى مدن عدن، للتأكيد على أهمية بقاء اليمن موحدا ورفض الدعوات الانفصالية. وأكد المتظاهرون المؤيدون للوحدة، في بيان صدر عنهم، أنه لا يمكن المرور إلى المستقبل إلا بالحوار الوطني لتجنيب اليمن مزالق الفوضى والعودة إلى دوامات العنف، داعين كافة الجهات لتهيئة الأرضية المناسبة للحوار واستيعاب كافة المكونات الجنوبية والابتعاد عن الإقصاء. ورغم الحشود الكبيرة التي دخلت عدن للمشاركة في تظاهرات الطرفين، فإن الفعاليات سارت بدون احتكاك بين المتظاهرين. وكانت السلطات الحكومية ألغت الاحتفالات بعيد الجلاء بسبب الحشد الكبير لقوى الحراك الجنوبي مما صعَّب على الحكومة بحث صيغ للحل السلمي مع شعب الجنوب.