يحبس المصريون أنفاسهم قبل ساعات من خروج تظاهرات ضد الإعلان الدستوري الأخير في ميدان التحرير عصر اليوم بالتزامن مع تظاهر مؤيدي الرئيس محمد مرسي أمام جامعة القاهرة. هي أوقات عصيبة يعيشها المصريون، فالانقسام بلغ حداً غير مسبوق، والوضع في الشارع خرج عن سيطرة القوى السياسية التي تأخرت في إعلان موقف واضح من العنف بين المدنيين ثم خرجت لتتحدث عن السلمية بعد سقوط أول قتيل، طفل عمره 15 عاماً ذهب ضحية الاقتتال بين مدنيين على خلفية سياسية. بالأمس بدا الانقسام في مصر في أوضح صوره، القوى المدنية تشيِّع ناشطاً سقط خلال اشتباكات قرب ميدان التحرير مع الأمن، فيما القوى الإسلامية تنعي شاباً قُتِلَ أثناء محاولة اقتحام حزب الحرية والعدالة ذراع الإخوان السياسية. وفي ظل هذا الاستقطاب الحاد، يقف الرئيس المصري في موقف شديد الصعوبة، فتراجعه يعني ضرب ثقة الشعب في السلطة التنفيذية في مقتل، هنا يتعلق الأمر بقدرة هذه السلطة على إنفاذ قراراتها وعلى صناعة قرارات سليمة، أما الإصرار على الإعلان الدستوري فقد يدخل مصر في نفق مظلم ويضعها على عتبة اقتتال أهلي. ويزيد من مخاوف المصريين دعوة قيادات في المعارضة إلى إسقاط الرئيس الذي لم يُتمّ أشهراً في منصبه بدعوى أنه فقد الشرعية الدستورية، ويبدو هذا التوجه صادماً لمن انتخبوا الرئيس ومنحوه الشرعية ليدير البلاد أربع سنوات مقبلة. ويحتاج هذا الوضع شديد الخطورة إلى تدخل سريع من كل الأطراف، الرئاسة والقضاء والمعارضة، لمنع الوصول إلى مرحلة من الصدام يصعب استيعاب نتائجها وتخيل تبعاتها. إن كل الأطراف مُطالَبة بالتأني وإعادة النظر في مواقفها حتى لو كانت ترى رؤيتها الأنسب للبلاد، فالنوايا الجيدة قد لا تفضي إلى عملٍ جيد، وطرفا الصراع في أي مجتمع يعتقد كلاهما أنه على حق وأن مصلحة الشعب في إنفاذ توجهاته.