جرمان أحمد الشهري ما من شك أن مشروع قطار المشاعر من أهم المشروعات الحيوية والحديثة التي أنشأتها الدولة لخدمة ضيوف الرحمن، وقد تم تشغيل المشروع في موسم حج عام 1431ه وأثبت نجاحه وفاعليته، بالرغم من كونه في سنته الأولى التجريبية التي لم تتجاوز نسبة التشغيل آنذاك 30% كمرحلة أولى، إلا أن جميع الحجاج الذين استفادوا من خدماته، أشادوا بما قدمه لهم في ذلك الموسم من خدمات جيدة، بعد ذلك رفعت نسبة التشغيل في حج عام 1432ه إلى 70%، وأخيراً في موسم حج 1433ه إلى 100% داخل حدود المشاعر التي تم تغطيتها بالكامل، ومع ذلك فإنه في كل موسم نلحظ بعض المشكلات الطارئة جراء الخلل التنظيمي أو التشغيلي، وأخر تلك المشكلات هي العطب والتوقفات المفاجئة والمتكررة للعربات في موسم الحج الماضي، وكذلك تدافع الحجاج بالآلاف أمام محطات القطار في منظر غير حضاري وغير لائق بضيوف الرحمن، هذه المشكلات شوهت الصورة الناصعة لخدمات القطار التي يفترض أن تكون راقية ومنظمة.. الشركة المشغلة تتهم الحجاج المخالفين للأنظمة والذين قدموا إلى المشاعر المقدسة بدون تصاريح حج وبدون حملات معنية بخدماتهم، بأنهم هم الذين تسببوا في تلك المشكلات بتزاحمهم وركوبهم للقطار دون تذاكر مدفوعة، مما يعني إحداث الربكة والاستيلاء على حقوق غيرهم من الحجاج المنتسبين إلى حملات حج منظمة سبق أن اشتروا تذاكر القطار قبل الموسم.. بينما الحجاج يتهمون الشركة المنظمة بالقصور والإهمال في تشغيل العربات وصيانتها طوال العام، وبالفوضى وعدم وجود آلية معينة لضبط وتنظيم الحجاج أثناء الركوب والنزول بشكل حضاري.. ولذلك أذكر بأننا نعلم جميعاً حجم التكاليف الباهظة التي دفعت من أجل هذا المشروع الكبير الذي يقدم خدمة جليلة لحجاج بيت الله الحرام، ونعلم أيضا بأن أي مشروع له صبغة الطبيعة الديناميكية يجب أن يكون متحركاً باستمرار، وإلا فسوف يتعرض للتصلب والتلف مع مرور الزمن، وبالتالي يدخل المشروع في دهاليز الصيانة المبكرة والتكاليف المتواصلة بسبب التوقف عن العمل، وهذا هو الذي حدث وسيحدث سنوياً إذا لم تلتفت الشركة المشغلة إلى أهمية الحركة المستمرة والصيانة المتواصلة طوال العام، وهذا التشغيل سيعود على الشركة بأكثر من منفعة، فهو سيحقق العمل الدائم وليس الموسمي، وسيكسب العاملين المهارة والتدريب المتواصل، وكذلك سيؤدي إلى إيجاد فرص عمل جيدة للشباب، وسيوفر على الشركة كثيراً من مصاريف الصيانة، بل وسيجنبها سرعة انتهاء العمر الافتراضي للقطار.. ما أود الوصول إليه هو: لماذا لا يتم تشغيل مشروع القطار في موسمي الزيارة والعمرة؟! وكما نعلم بأن بلادنا تستقبل سنوياً من المعتمرين والزوار ما يعادل أعداد الحجاج، وقد يكون أغلب هؤلاء المعتمرين والزوار جدداً ولم يسبق لهم القدوم للمملكة لأداء فريضة الحج، وبالتالي فإن تسيير القطار على شكل رحلات متتالية حسب تفويج المعتمرين والزوار، سيتيح لهم التعرف على مواقع وطبيعة ومسالك الأماكن التي يوجد فيها الحاج ويلزمه المرور بها أو المبيت أو الوقوف، مثل الجمرات ومنى ومزدلفة وعرفات، وهذه المواقع الأربعة هي التي توجد فيها محطات القطار، وبإمكان المعتمر أو الزائر أن يمتطي القطار من محطة إلى أخرى وبصحبة مرشد سياحي أو طالب علم شرعي للتعريف بالمسميات والأحكام المشروعة في موسم الحج التي يجب أن يؤديها الحجاج أثناء تأدية الفريضة، بهذه الطريقة نكون قد حققنا هدفاً استراتيجياً مهماً يضاف إلى ما سبق تحديده، وهو تثقيف المعتمرين والزوار مسبقاً على مناسك الحج، وإتاحة الفرصة لهم للتعرف على تلك المواقع بسهولة قبل موسم الحج بعيداً عن الازدحام والتدافع، هذا فضلاً عما سيحصل عليه المشروع من عائد مادي يمكن الاستفادة منه في أعمال الصيانة والتحديث والتطوير، أرجو من المسؤولين عن المشروع النظر في هذا الاقتراح ودراسته بتمعن وبالله التوفيق.