دقت طبول الحرب في غزة مع أول يوم من أيام السنة الهجرية الجديدة 1434 ه. فقتلت دولة بني صهيون رأسا مهما في حركة حماس الجهادية (الجعبري) لترد حماس بصواريخ متطورة امتصت (القبة الحديدية) قسما منها، التي زعم بنو صهيون أنها ستحميهم من عادية السماء؟ لكن السؤال الذي راودني وأنا أصلي المغرب في جبال عسير في مدينة النماص هل الحرب أمر طبيعي؟ فيقتل الإنسان أخاه الإنسان؟ ولماذا نتقاتل بكل سلاح ممكن للإفناء المتبادل؟ ولماذا تلطخ تاريخ الإنسان منذ فجره الأول بقتل أحد ولدي آدم أخاه؟ وهل الميل للحرب والقتل مغروس في جبنات الإنسان؟ الواقع يقول إننا نعيش في المدينة بسلام، والشرطة لا يهرعون من حي لآخر في فك الاشتباكات، بل النادر والشاذ أن يتدخل البوليس؛ ذلك أن المجتمع مبني في علاقاته على السلام، والحرب حالة شاذة لا تطاق؛ لأنها تحمل الموت والدمار والفناء ويستباح كل شيء. وإذا تمت استباحة قتل الإنسان فماذا يبقى بعد الإنسان؟ حسب دراسات (جوستون بوتول) الجنرال الفرنساوي فقد وصل إلى خلاصتين مرعبتين في دراسة ظاهرة الحرب؛ أن التاريخ الإنساني في جملته وخلال 3500 سنة لم يزد عن سلسلة متواصلة من الحروب لا تقف إلا لالتقاط الأنفاس كي تبدأ من جديد، بوتيرة 13 سنة حرب مقابل سنة سلام واحدة! والأمر الثاني الأبشع أن كلفة الحروب كانت أفظع من كل الطواعين والجرب وداء الكلب والسل والإفرنجي والجدري والحصبة. إنها في كلمة مختصرة أم الدواهي، وأبو الأمراض، وجد المصائب، ولعنة التاريخ. وحاليا تمكن بنو صهيون وبمساعدة فرنساوية، وماركات ألمانية، وسكوت أمريكي من رفع عمد صواريخ عابرة للقارات، وتركيب مئات الرؤوس النووية متعددة الأنواع؛ من ذرية وهيدروجينية ونترونية. المضحك أن وكالة الطاقة الذرية تفتش إيران مثل الحرامية ولا تقترب من الحرامي الأكبر بني صهيون، والإيرانيون بدورهم يعرفون اللعبة، ويضحكون على العالم، بعد أن أصبحوا على مرمى حجر من الصنم النووي. وحسب (بيير جالوا) الخبير الإستراتيجي النووي فإن الفروق زهيدة بين الحرب التقليدية والإستراتيجية. أي القفز من الخيط الأخضر للأحمر باستخدام أسلحة الدمار الشامل الثلاثية بعد القوة النارية (الذرية والجرثومية والكيماوية) وحسب الجنرال (فيكتور فيرنر) في كتابه (الخوف الكبير) أن السلام مستحيل، والحرب مستحيلة، بسبب تغير طبيعة الحرب؛ فلم تعد كسبا بل خوفا ودمارا بشرط الردع المتبادل، وهو ما بدأت إسرائيل تشعر به وصواريخ حماس تغرد فوق تل أبيب. ولم يحصل السلام الأوربي والأمريكي في شمال الأرض إلا بعد القناعة الكاملة أن السلاح صنم لا يضر ولا ينفع. مع هذا فمازالت الدول الكبيرة تبيع الأسلحة للدول التي لن تستخدمها يوما ما، وإن كان، فربما بطيارين أجانب، وخاضعة لريموت كنترول يتعطل في أية لحظة.