أبدى الشاعر والكاتب غُرم الله الصقاعي تحفّظه على وصف المنابر الإنترنتيّة ب(مواقع التواصل الاجتماعي)، كونها أحاطت المبدع بأسوار، وعزلته في حيّز بملايين الجدران، موضحاً ل»الشرق» أن ما يُسمى بمواقع التواصل الاجتماعي عززتْ الفردانية السلبية، ولم تحقق حراكاً مجتمعياً إيجابياً سوى في بعض مظاهر النفع العام في المدن الكبرى، لافتاً إلى أن مفهوم الفردانية غدا ظاهرة لها وجود في حياتنا الثقافية والاجتماعية، علماً بأن الإنسان في طبعه كائن اجتماعي. وتساءل ما مدى إدراكنا بإقرار عدد من المفكرين بحق الفرد في العيش، وتأكيدهم على ألاَّ قيمة للفرد من غير الجماعة، كما أن الجماعة بكل مقوماتها معنيةٌ بخدمة الفرد، ويرى أن الفردانية الإيجابية تسعى إلى تحقيق استقلالية الفرد وحريته وتحمله مسؤولية أفعاله وأقواله، واعتماده على نفسه، وتساهم بشكل كبير في كشف الموهوبين والمبدعين والمتميزين، وإظهار ما يميزهم، إلا أنها في الواقع المعاش تعني مزيداً من الظلم والإقصاء والمعارضة والمخالفة لكل ما هو جمعي، وكل ما ينتج عن أي سلطة اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، وأضاف أن الفردانية ليست الذاتية (النرجسية) التي يرى الفرد فيها أنه مركز الكون، بل فردانية العجز عن تحقيق توازن إنساني من خلال التقنية وخارجها، فكتَّاب مواقع التواصل فردانيون من خلال ما أنتجه العالم من أجهزة ذكية جعلت الكل يعيش منفرداً، ويغرّد وحيداً، دون رقابة ودون اهتمام بالآخرين، مشيراً إلى أن الفردانية سلوك لبيان قدرتك الإبداعية والمهارية، ومميزاتك وسماتك الفارزة اختلافك عن المجتمع الذي تعيش فيه، مؤكداً احترامه لمبدعين في عالم رحب وجدوا فرصة للحضور والتميز في ظل مشاركاتهم التي لا تنفي أحداً ولا تسعى إلى محاربة، أو مخالفة، الجماعة، مع حفظ حق الاختلاف، وليس المخالفة للمعتقدات والعادات التي اتفق عليها الجميع، لافتاً إلى خطر مواقع التواصل حين تُكرّس الصدام مع المجتمع، من خلال ما يطرح من آراء تعيدنا خطوات للوراء، ولأخلاق الرجعية والتخلف الإنساني.