في الصور التي نشرتها الصحف لموقع استراحة عين دار، بعد المأساة التي أصابت أهلينا في هذه الهجرة، نجد ضمن ما تُرك من مخلفات في ذلك الموقع كراسي متحركة للمعاقين، ولا أدري هل تُركت هناك لأن أصحابها لم يعودوا في حاجة إليها، أم أنها تعطلت، ولم تعد لها تلك القيمة الكبيرة التي تقدمها لمن فقد قدرة الحركة والسير على قدميه؟ سؤال آخر بقي في رأسي كيف تصرفت صاحبات تلك الكراسي في ظل تلك الساعات الحزينة؟ وإلى أين توجهن؟ وهل من كن سيدفعهن نحو بوابة الخروج الموصدة أبعدهن عنهن لهيب أسلاك الكهرباء، أو أنهن الآخريات أمسين عاجزات لا يستطعن الفرار؟ الحقيقة أني لم تكن في نيتي الكتابة عن هذه القضية المأساة الآن وقبل صدور التقرير النهائي عن مجمل الحدث، ولكن حجمه والمعاناة التي يقاسي منها الآن أهالي المتوفين والمصابين وتلك الصورة الكئيبة لمكان الحدث، هي ما جعلني أبدأ مقالي بهذا المدخل. فعنوان المقال مقتبس من اسم مؤتمر عالمي عُقد في مدينة دوسلدروف في ألمانيا خلال الشهر الماضي، لذوي الاحتياجات الخاصة، كان مكرساً لتعزيز خبرات هذه الفئة في مواجهة التحديات والصعوبات التي تعترضهم أمام مساعيهم للاندماج في المجتمع، والعيش فيه كبقية الأعضاء الآخرين. طبعاً لم نسمع أن هناك وفداً وطنياً من ذوي الاحتياجات الخاصة شارك في هذا المؤتمر، ولو حدث ذلك فعلاً، أي تم اختيار بعض من هؤلاء للمشاركة، لأثار ذلك استغرابنا، إن لم يكن سخرية بعضنا، لا لأنهم أقل قدرة في التعبير عن أنفسهم، ولكن لو أنهم ذهبوا ليتحدثوا عن تجاربهم الناجحة ومدى الدعم والمساندة التي يحصلون عليها من الجهات الرسمية المعنية بشؤونهم، لمنحناهم ألقاباً مختلفة تليق بتلك النوعية من الإعلاميين ممن امتهنوا تقديم الصور الوردية لأي صورة حتى لو كانت رمادية مغبرة، والتفنن في قلب الحقائق. فواقع المعاقين في بلادنا وخاصة في القرى والمدن النائية لا يمكن بأي حال من الأحوال وصفه إلا بالبائس مهما حاول البعض إضفاء اللون الوردي عليه. لقد صدر نظام رعاية المعوقين سنة 1421، الذي رغم النواقص وضعف وعمومية بعض مواده، فإنه كان مبعث أمل بالنسبة لهذه الفئة (التي يتجاوز عددها 700 ألف)، حيث نصت المادة الثانية منه على أن «تكفلُ الدولة حق المعوق في خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل». كما أن حكومة المملكة قد وقّعت في سنة 2008 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري التابع لها، ولكن نصوص هذا النظام ومواد هذه الاتفاقية في جانب وواقع المعاقين في جانب آخر، وكأن بينهما برزخاً لا يمكن إزالته، إضافة إلى الإجراءات البيروقراطية التي تفرضها وزارة الشؤون الاجتماعية عليهم، التي تأتي مركزية متابعتهم معاملاتهم كأحد الأمثلة المعيقة والمهينة لهم. لقد لخص مطالب المعاقين السيد إلهام لنجاوي حينما قال في مقاله في جريدة «الوطن» (العدد 4413) «إن المعاق لا يطلب المستحيل، يريد فقط دورة مياه». فأين نحن من محيط بلا عقبات؟