مازحني أحدُ الأصدقاءِ بقوله يا (07)، وهي نبزة أو معايرة أو علامة أو قلْ ما تشاء، ولكنْ هي من بابِ النظرة المزاحية أحياناً، وأحياناً الله العالمُ بما يراد منها، لم أتمالكْ نفسي، نظرتُ إليه وقلتُ له: نعم. كثير من الذين يقولون 07 ينظرون للأمر على اعتبار أنه تقليل من شأن الجنوب، ولعل كثيرا لا يعلمون أن أهل الجنوب تحديداً يفاخرون بأصولهم ومكانتهم وقبائلهم ووجودهم التاريخي، ويرفعون رؤوسهم بكل شبرٍ في أرضنا، وكلّ حفنة من تراب تلك الأرض. ينظر العقلاءُ عادة في وطننا العزيز إلى اعتبار أن الجنوبَ هو أكثر منطقة مصدرة للطاقة البشرية في المملكة، فامتدادها الجغرافي من الباحة إلى حدود اليمن والتنوع الديموجرافي إن جاز تسميته كذلك، يجعل منها مكاناً خصباً للثروة البشرية، ورغم هذا فإن الجنوب يعاني من هجرة كبيرة لأسباب يطول شرحها، ولكن لعل أهمها هو عدم توفر بيئة عملية خلال السنوات الماضية مما استدعى خروج كثير من أهل الجنوب إلى المدن الكبرى للتعلم والمعيشة. إن أهل الجنوب تعلموا من وعورة تضاريسهم الصّبر، وغدوا كرياحين تنبت في جبال قاسية المعالم، وأخذوا في الانتشار في كل بقعة من بقاع وطننا، ويندر أن تجد مكاناً لا يوجد فيه من أهل الجنوب، وقد يكون السبب أن التركيبة الحياتية التي عاشها أهلُ الجنوب تجعل من السّهل عليهم التأقلم في أي جزءٍ من وطننا لأنهم يعتبرون أن هذا الوطنَ هو أرضهم. صديقي الذي يقول 07 سيعرف الآن جيداً مدى اعتزازنا بذلك الجزء، وهو اعتزاز بكل شبر فيه، ولا يمكن أن تنقطع علاقتنا به إلاّ بموتنا. إضاءة: كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل