لا أتصور إن الجرافات ستبعثر الرمال لبلورة استراتيجيات وزارة الإسكان على أرض الواقع، ما لم تبنِ الوزارة لنفسها سلما يمكنها الخروج من الهوة التي وضعتها لنفسها، إذ أشغلت الوزارة نفسها بالاستراتيجيات والمنهجيات وأدبيات الدراسة وعينة البحث، في الوقت الذي نرى فيه مؤسسات أخرى وجمعيات خيرية تسلم مفاتيح المنازل لساكنيها تحفظ لهم حياة كريمة. ومن المؤكد إن هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية لم تشرع في بناء مساكنها بطريقة عشوائية أو على طريقة الاتكاليين «يا رب ساعدنا»، وأجزم إنها اتبعت منهجيات علمية وتفاصيل هندسية دقيقة، وفي نفس الوقت لم يستقطع الأعداد لهذه المشروعات وقتا طويلا، مثل ما يحصل مع استراتيجيات وزارة الإسكان. على وزارة الإسكان أن تعرف أن دورها يقتصر على توفير مساكن بسيطة تحفظ للمواطنين حياة كريمة، كما يتعين عليها أن تدرك أن الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية وقلاقل أمنية وتضاريس وعرة وهي تقريبا ليست لدينا لم تبحر في الدراسات والاستراتيجيات ويتحول كل عملها على الورق. ما يلمح به مسؤولو الوزارة من توجههم إلى تمديد مهلة الدراسات التي تجريها، يؤكد أنه ليست هنالك مشروعات يمكن الإعلان عن تنفيذها قريبا! وهذا مؤشر يرسم علامات استفهام متعددة على آلية عمل الوزارة! الحامل لحقيبة وزارة الإسكان، كان في يوم ما، عضوا في مجلس الشورى، وفي عديد من المناصب التنفيذية والاستشارية، التي تسمح له بالاطلاع على دراسات وافية! وهذا بالإمكان أن يختزل للوزارة الوقت.