يوم الأحد الماضي حقق النمساوي فيليكس بومغارتنر (43 عاما) أطول قفزة حرة في التاريخ بعد أن قفز من مسافة (39 كم)، فيليكس الذي استطاع تحطيم الرقم القياسي بعد تدريب استمر مدة (5 سنوات)، لم يسلم من خفة دماء السعوديين وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ابتداء بالصور التي مثلت ذلك المغامر وهو يستعد للقفز بعد أن أخرج ساقيه من (الكبسولة) في حين ظهرت خريطة المملكة من علو وقد امتلأت ب(الشبوك) ليكتب على الصورة (استر على ما واجهت يافيليكس)، بينما تبادل الظرفاء عديداً من العبارات التي لا تبتعد عن همومهم الاجتماعية مع الوزارات والمؤسسات الخدمية في إسقاط كوميدي لحدث (القفزة التاريخية) حيث يقول أحدهم: ارتفع فيليكس 122 ألف قدم ورغم ذلك كان يتحدث مع مدربه على الأرض بوضوح و(هنا) ينقطع إرسال المكالمة بينما صديقك يحادثك وهو على كوكب الأرض وبجوار منزلك. ويقول آخر متسائلا: لو سقط فيليكس في أحد مدننا أثناء قفزته هل يا ترى سيجد سريراً في أحد المستشفيات؟ ويتندر آخر متمنيا على المغامر النمساوي أن (يفصل) السلك الخاص لبعض القنوات التليفزيونية عندما يكون مارا خلال قفزته بجوار قمر عربسات، وفي إسقاطة أخرى لأحد الظرفاء أيضا معبراً عّما يعانيه من ازدحام في شوارع المدن الكبرى وعدم وجود الحلول من قبل مسؤولي المرور يقول: وصل الغرب إلى الفضاء خلال ساعتين ونحن نصل إلى العمل كل صباح خلال ساعتين أيضا، وآخر يرى أن سر النزول السريع لفيليكس الذي لم يتجاوز خمس دقائق بينما صعوده استغرق ساعتين ونصف الساعة هو بسبب مطاردة سيارة (الهيئة) له. لا شك أن تلك الإسقاطات لها مدلولاتها الاجتماعية، لكن لا شك أيضا أن هناك رابطا كبيرا بين قفزة فيليكس وبين بقاء مسؤولينا في الوزارات والمؤسسات المعنية بخدمة المواطن، ذلك الرابط يتمثل في كلمتي “أطول – وتحطيم الرقم القياسي”، فذلك المغامر حقق أطول قفزة وبعض مسؤولينا حققوا أطول الفترات الزمنية وحطموا الأرقام القياسية وهم قابعون على كراسيهم دون أن يقدموا ما يفخروا به أمام المواطنين وقيادتهم التي ائتمنتهم على مصالح الناس. إن إخفاق بعض أولئك المؤتمنين على تلبية احتياجاتنا وحقوقنا وإصرارهم على تجاهلها جعلت منا كمواطنين قوماً يتحلون بالظرافة ويلجأون للنكتة والتندر للبوح بهمومهم وطموحاتهم بعد أن يئسوا من أولئك المسؤولين. وبما أنني أحد الكادحين الذين يتحلون بالظرافة كبقية (أشقائي) المواطنين أقترح أن تطبق على وزرائنا ومسؤولينا الكبار لائحة الاحتراف الرياضي وأن يستبدلوا إن لم يكن هناك إلا هم، بآخرين أجانب لعلهم يكونون أكثر احترافية وعطاء وتلبية لاحتياجاتنا، فربما يجد المسؤول (الأجنبي) بعد أن أتعب بعض مسؤولينا المحليين قلوبنا، الحلول السريعة والاستراتيجية التي تجعل المواطن محور الخدمة وهدفها. نعم إن تجربة اللاعب الأجنبي في ملاعبنا ناجحة إلى حد كبير، ولو طبقت تلك التجربة في استقطاب الأكفاء من الخارج بدلا من أولئك أصحاب السلطة والمسؤولين عديمي الفائدة لربما حلت مشكلات الخدمات الصحية وخوف المواطن من عدم وجود سرير له أو لأحد أفراد أسرته ولربما أيضا كانوا عقلاء في تلبية احتياجات منتسبيهم الذين يعانون الحرمان من الترقية أو تأخرها وضعف الرواتب مقارنة بالسلالم الوظيفية الأخرى والعلاوات السنوية ومنح جميع الكادر الصحي- من ممارسين وأطباء وممرضين وفئات مساندة- ما يستحقونه من بدلات، ولربما كذلك حلت مشكلاتنا في التعليم وأصبح لدينا طلاب قادرون على الفهم والاستنتاج والتحليل لا آخرون لا يستطيعون كتابة سطر دون أخطاء إملائية أو التفريق بين (ض) و(ظ)، ومدارس جاذبة ومعلمين غير متعبين من المطالبة بحقوقهم، ربما استطاع الوزير والمسؤول (الأجنبي) حل مشكلة البطالة بين المواطنين والحد من الفقر والضمان الاجتماعي الذي يسد الاحتياج وتوفير السكن المناسب والتأمين الطبي والقضاء على معاناة العسكريين مع رواتبهم التقاعدية ورهبتهم كلما قرب سن الثامنة والخمسين وإيجاد الحلول التي تكفل العيش الهانئ للمتقاعد من توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية والترفيهية له وإيجاد البنى التحتية السليمة لمدننا وقرانا. نحن بحاجة إلى مسؤولين (بغض النظر عن جنسياتهم) يستطيعون بناء بلد بجودة عالية وفي أسرع وقت، أن يزيلوا من أذهاننا (وايتات) الصرف الصحي و(مطبات) الشوارع، والبحث عن حاوية لنقل المياه إلى منازلنا. نعم نحن بحاجة إلى مسؤولين يرسخون مفهوم الجودة في العمل فلا نرى عمالة غير متخصصة تبني مبانينا الحكومية أو مشروعات متعثرة لعشرات السنين بسبب سوء التخطيط والتقدير. نعم نريد أولئك المسؤولين الذين ينقلوننا إلى العالم الأول فنحن قادرون على التغيير لأن لدينا القيادة المحبة لشعبها والمال الذي يجعل من هذا البلد لؤلؤة العالم أجمع.