يعد تكريس ثقافة الامتثال للقانون لدى أفراد المجتمع بكافة مكوناته وسيلة لغاية أسمى، وهي أن يكون أفراد المجتمع أنفسهم يمارسون رقابة ذاتية ومجتمعية على بعضهم بعضا بشأن الالتزام بالقوانين، وبالتالي يصبح احترام النظام فيما بعد نابعاً من القناعة الشخصية بأهميته، ويصبح جزءاً من نسيج الحياة اليومية والقيم المجتمعية، بالطبع هذا ليس تنظيراً بقدر ما هو تأصيل لحالة واقعية، هي حالة المواطن عندما يغادر الوطن ويؤطر تلك النظرية كأساس لتصرفاته أو لسلوكه، مقارنة بما يحصل لدينا من لامبالاة بالنظام حتى في المناسبات الوطنية، التي يفترض أن تكون مناسبة لتأكيد وتجسيد الالتزام بالقوانين باعتبارها شعار المواطنة الصالحة.. لذا تبرز أهمية التواصل المباشر مع كافة شرائح المجتمع على كافة المستويات للارتقاء بدرجة ثقافتهم القانونية لإيجاد جيل واعٍ يعتز بانتمائه لهذا الوطن ويدرك مسؤولياته تجاه وطنه بالمحافظة على مكتسباته وإبراز قيمه الأصيلة من خلال احترام القوانين، وفوق كل شيء تعميق ثقافة الخوف من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم العيب من المجتمع قبل العقاب، ويكون ذلك عبر تنفيذ برامج توعوية وتثقيفية للمواطنين بكافة مستوياتهم وأعمارهم لترسيخ ثقافة الامتثال للقوانين، من خلال التأسيس لمنهجية ورسم مسار لعمل استراتيجي تشارك فيه المؤسسات الدينية والأمنية والتعليمية والإعلامية والرياضية ومؤسسات المجتمع المدني، وأن يكون هناك مبادرة لتكريم الممارسات الإيجابية وتعميمها من خلال الاحتفال بها إعلامياً على مستوى الوطن حتى يكون ذلك حافزاً ومثالاً للجميع للاحتذاء بها. هذا التصور نابع من أننا نعيش أزمة حقيقية لاحترام القانون، حيث إن المشكلة لم تعد تقتصر على التهاون في احترام الأنظمة فحسب، بل فيما يحصل من جراءة ومجاهرة وإصرار على المخالفة وتساهل للنتائج المترتبة، فالأمر يحتاج إلى التعامل الجاد والحازم مع كل سلوك يشكل استهتاراً أو تطاولاً على القوانين بكافة أشكالها.