كان تجميعاً لجملةٍ من: “جيناتٍ” متضادةٍ ليست سَواء، ذلكَ أنّه لم يكن مُنتَجاً سعودياً خالصاً، ولا هو بالصّعيديّ المحض، وإنما بقي: “هجينَاً” مِن كلِّ شيءٍ يُرَى بوصفهِ علامةً يُستدلّ به على النُفرةِ والسُّخطِ! وليسَ شيئاً آخر سواهما، إذ ليسَ بالإمكانِ -مطلقاً- أنْ تَتبيّنَ ملامِحَهُ مَا لَم يتعَرّ قِبالتَكَ، ويقفْ منك تالياً بالمقلوبِ، ابتغاءَ أنْ تشهَدَ أينَ هو: “رأسُ” هذا الرجلِ؟ وبأيِّ مكانٍ يقبعُ مِن جسدِهِ!؟ ولئن شئتَ أن تختبرَ صِدقَ ما أقولُ، فما عليك سِوى أن تقرأ واحداً مِن كتبه -الأخيرة-، شريطةَ أنْ تكونَ القراءةُ -هذه المرّة- بطريقةٍ مقلوبةٍ، بمعنى أنْ تستأنفَ القراءةَ مِن الصحيفةِ الأخيرةِ مِن الكتابِ.. وهكذا دواليكَ حتى تبلُغَ أولَ الكتاب! لكن من غير ِأن تتعرّى! وحينها ستعرُف أنّ: “القصيميّ” لم يكن سوى شخصيّةٍ قلقةٍ يجترحُ عبثّاً لا يفتأ يكتبه بلغةٍ متشحةٍ سوداويةٍ، وبمفرداتٍ بغيضةٍ تشكو انتظاماً في المبنى قبلَ المعنى، ولا يبرح صفحةً مما يكتُبُه دونَ تناقضٍ فجّ بحيث إنّ جملته الأولى لا تلبث أن تأنفَ مِن عراكٍ جملتِه التي تليها إذ ما كانَ من جملتِه الأولى إلا أن تنقَضّ على التي تليها فتُلغيهَا بطريقةٍ تنتهي بك- إي والله- إلى الضّحِكِ! وهكذا تظلّ دأبكَ مع كتبه الأخيرةِ، إذ يمضي وقتَك كلّه ما بين تناقضٍ وضحكٍ دونَ أن تظفرَ بشيءٍ ذي بالٍ يستحقُ:”القصيميُّ” معّهُ أن ينالَ بجدارةٍ التوصيف ب:”المفكّرِ” فضلاً عن صحّةِ تلقيبَهُ ب:”الفيلسوف”! وبما مضى يمكنني القول بشيءٍ من جسارةٍ: إنَّ من شاكَلَ: “القصيميَّ” في شيءٍ مِن هجينِيّةِ تكوينِهٍ، واضطرابِ التلقي لديه، وألمّ بشيٍ مِن اغترابٍ سياسيٍّ أوفكريٍّ، سيجدُ لهُ في تمرّدِ :”القصيميّ” شفاءً من علة صمتِه، وبخاصةٍ أنّ الأفواه تشكو الامتلاءَ بالماء. مِن هنا فسيُستعادُ:” القصيميُّ” بين فينةٍ وأخرى. شاءَ من شاء وأبَى من أبَى! شيءٌ مِن التاريخِ وللتاريخ: في: “بريدةَ” وتحديداً فيما بينَ:”خَب الحلوةِ” و:”الشّقة السفلى” سجّلَ :”القصيميُّ” أولَ رسوبٍ له في مقرّرِ:”الجغرافيا”، بينما شهِدت:”الشارقةُ” أولَ التقاءٍ للابن:”القصيمي عبدالله” بوالده :”عليٍّ” ذلك الذي لم تتمكّن:”الغربةُ” مِن أنْ تُهذّبَ تدينَهُ! -بحسبِ إفادةِ الابن-. وفي: “القاهرةٍ” ما كانَ:”القصيميُّ” غيرَ:” ظاهرةٍ صوتيةٍ”! شقيَ به المصريّون، وبشهادةٍ مكتوبةٍ على هذا الشقاء جاءت مِن لدن: “سيد قطب” وكانَ عليها إمضاءُ:”العقاد”! وفي: “بيروت” تصعلكَ بكلٍ كفاءةٍ جعلت مِن:”أنسي الحاج” أن يتخذَ منه للقرّاء العربِ:”قِبلةً” يتجهونَ بمقروئهم شطرَهُ، في حين رفضَ زملاءُ هذا الأخيرِ إلا أنْ يجعلوا منه:”…..” يقضونَ بهِ حاجةَ سُخطِهم على: “النفطِ” وأهلهِ ليس إلاّ. ومن كانَ قد قرأَ: “حسين مروّة” إبان تلك الفترة فلا ريبَ أنْ سيتساءلَ: هل كان ثمّة من أحدٍ يكتبُ للقصيمي؟! ما بقيَ غير أنْ ألفتَكم إلى أن العبارةَ التي ارتبطت ب:”القصيمي” وباتت مثلاً: “العرب ظاهرةَ صوتيّة”! هي ليست له وإنما قد لطشها! ولعلي في مقالٍ قادمٍ بإذن الله تعالى أخبركم شأنَ:”العبارة/المثل” بشيءٍ من تفصيل.