كل هذا الإبداع والتألق في الدفاع بكل حرقة عن المواطن يسميه البعض “مجرد تنفيس” و “البعض” ليسوا من العوام بل يملكون زوايا يكتبون فيها في الصحافة يُفترض أن يملكوا حداً أدنى من الوعي الإعلامي، حداً أدنى يعرف الفرق بين العمل الإعلامي “المتعوب عليه” الذي تصطف كل المملكة لمشاهدته وبرامج أخرى مشابهة لا أحد يلتفت إليها. لايحتاج داوود بعد كل هذه الخبرة الإعلامية أن يزيف مشاعره كي يتفرج عليها الناس، ومخجل ومحزن في آن واحد عندما يقدم الإعلامي المرموق ابن الوطن هموم الوطن ومواطنيه بأن يُقابل ببعض الجحود. جحود لايُفسر إلا أننا قوم يصعب علينا أن نقول للمبدع أبدعت خصوصاً إذا كان من بني جلدتنا، جحود لايفسر إلا أن السلبية طغت علينا لدرجة لاتجعلنا نشاهد البياض. وأخيراً فليكن “تنفيساً” فالتنفيس وحده ليس هيناً والكبت يولد الانفجار وماذا أكثر حينما يُقدم داوود الضحايا من الجنسين ليقولوا بملء أفواههم كل المعاناة التي مروا بها وكل الظلم الذي حل بهم وعلى الهواء مباشرة يسمعها القاصي والداني، الغفير والوزير، المسؤول وغير المسؤول، ليس هناك أثمن من البوح الطازج ومن الصعب أن تُزيف المشاعر وعلى الهواء مباشرة. كم احتاج كل هؤلاء المظلومين الذين تكلموا عن مظلمتهم في “الثامنة” من مقابلة مدير مكتب ومسؤول ومواعيد و”مرمطة” لكي يقابلوا وزيرا أو مديرا أو حتى مسؤولا غير مهم، الجواب إلى ما لا نهاية. وليست وظيفة العمل الإعلامي إيجاد الحلول، مجرد إظهارها بكل هذا الصدق والوضوح بعمل متقن هو منجز إعلامي يفوق الوصف وعلى رأي نزار قباني وظيفة الإعلام هي إثارة الحياة في المياه الراكدة، مشكلتنا من يثير الحياة في العقول الراكدة!