محمد بن إبراهيم فايع كثيرة هي الأخبار المزعجة التي تأتي إلى أسماعنا، وتغشى أبصارنا، نتوقف عندها برهة؛ ثم نرحل عنها لأخبار أخرى، ونغوص في ممارساتنا الحياتية، ونتناسى أن هناك ماهو أهم من وصول الخبر إلينا، ألا وهو «تحليل الخبر» لنرصد أسبابه، نتائجه، ونتخذ قرارات حوله، وسبق لي مناقشة ذلك مع زميل إعلامي، أنا أعلم أن هذه مهمة مراكز الدراسات والبحوث، لكن ذلك لا يمنع أن يكون كل واحد فينا عبارة عن مركز دراسات، عموما أدلف بسرعة إلى خبر مقتل الطفلة «تالا» على يد الخادمة الإندونيسية، وهو خبر أقض مضاجعنا، وآلمنا كثيرا، وخاصة مانتج عنه ذلك القتل البشع من انهيار نفسي لأسرتها، وما تلاه من حادث أليم لوالد الأسرة، نتج عنه نتيجة صدمته النفسية عند سماعه الخبر صدمه لسيارة وهو في طريقه لمنزله توفي على الفور قائدها، وأصيبت طفلته التي كانت برفقته إصابة خطرة أرقدتها العناية المركزة «الله المستعان» نسأل الله أن يخفف كربهم، ويُنزل الصبر على ذويهم، أعود لمقتل الطفلة تالا، وقد يكون السؤال لماذا تقدم خادمة على قتل طفلة لم تكمل الأربع سنوات؟ ولماذا تقتلها بهذه الطريقة البشعة ؟ هل أُسيئت معاملتها ؟ لو كانت معاملة الأسرة سيئة فهل كانت الخادمة بقيت مع الأسرة سبع سنوات ؟! الحقيقة التي يجب قولها أن الأسرة كانت تعامل الخادمة كما لوكانت أحد أفراد الأسرة، بدليل بقائها سبع سنوات مع الأسرة، لكن هذه الجريمة من الخادمة تفتح «ملف اعتداءات الخادمات الإندونيسيات على الأطفال «فالطفلة تالا، ليست الأولى التي تُنهى حياتها على يد خادمة، ولن تكون الأخيرة، بل ماتمارسه بعض الخادمات داخل منازل الأسر السعودية قد بدأ يتكشف منذ فترة عن ممارسات عدوانية، تجعلنا نتساءل عن صحتهن النفسية، فكثير من أعمال السحر، وكثير من محاولات إفساد عقيدة الأبناء بإهدائهم سلاسل صلبان، وتماثيل لعبادتها والانحناء لها، وتدريسهم طقوس غريبة شركية، كل هذا يحدث في ظل إهمال كثير من الأسر السعودية لما يحدث نتيجة انغماسهم في مشاغلهم، نحن لا ننفي تعرض بعض الخادمات إلى معاملة سيئة عند بعض الأسر، أو إثقالهن بأعمال منزلية، أو تأخير رواتبهن، لكن ذلك يحدث قليلا ويتم تسويته بأخذ الخادمات حقوقهن، إلا إن ذلك لايسوغ لهن القيام بأعمال انتقامية تصل حد الإجرام والقتل، وبدم بارد في حالات كثيرة، ولايمكن وصم كل خادمة أجرمت بحق أطفالنا بأنها ضحية لأمراض نفسية لنجد مبررا لها! ونقول لكل أسرة مكلومة بأعمال قتل أو سحر أو أذى «معليش» الخادمة تعبانة نفسيا « فمن يعالج الوجع النفسي لأسرة تالا الذي سيطول على سبيل المثال؟ هذا ملف يجب أن يُناقش، أما الملف الآخر، فهل تعد كل أسرة بحاجة إلى خادمة ؟ «فلدينا مايزيد على مليون خادمة، أعلم أن القضية حرية شخصية، لكني أستغرب أن كثيرا من الأزواج قد يتسلف ليحضر خادمة لبيته، على الرغم من من عدم حاجته لها، وبعضهم زوجته لا تعمل وتقضي جل وقتها بين زيارات الأسواق، وقضم المكسرات أمام التلفاز أو مع الجوال في مكالمات لاتنتهي ويحضر لها خادمة! قد نستثني من ذلك الحاجة الملحة للخادمات «كالزوجة العاملة، والزوجة المريضة، والزوجة المسنة العاجزة عن القيام بواجبات منزلها» أما عدا هذا فيعد عشقا للمظاهر يرضخ الأزواج فيه لرغبة الزوجات، رحم الله الجدات والأمهات حينما كنّ يقمن بأعمال المنزل، وهنّ في ظروف تختلف عن ظروف اليوم الذي توافر فيه للزوجة من الأجهزة المنزلية؛ما يخفف الأعباء عنها.