أبها – سعيد آل ميلس مؤسسة النقد: لا يمكن إلغاؤها إلا بقرار رسمي.. وتسويقها شبه معدوم تجارياً. سبب اختفاء العملات المعدنية ثقافة البائعين وبدائل من بضائع «أبو نصف ريال». بن مجثل: انعدمت لخطورتها منزلياً.. ومن يحملها بات من بخلاء «الجاحظ». التشكيلي محرزي: العملة المعدنية تشكل بعداً فنياً ويستفاد منها في الطباعة على الصلصال. تراجع خلال السنوات الأخيرة استعمال العملات المعدنية من فئتي 25 هللة، و50 هللة، في وقت كانت فيه العملات المعدنية هي الرائجة منذ آلاف السنين، إلا أن الثقافة التجارية خلال السنوات الخمس الماضية وضعت هذه العملات في زاوية الإهمال، وعدم الاقتناع بحملها، فضلاً عن استخدامها. ومما زاد الأمر سوءاً ندرتها في صناديق “الكاشيرات” في الأسواق التجارية، ما ألزم أغلب المتسوقين بقبول ثقافة الاستبدال بعلكة، أو علبة مناديل صغيرة. “الشرق” استطلعت آراء أفراد من المجتمع حول العملات المعدنية، لمعرفة أسباب ذلك، والبدائل التي يقترحونها: غش وتدليس يقول سعد المالكي: “ابْتُلِينَا في هذا الزمن برغبة بعض التجار في رفع الأسعار، فإذا رفع تاجر سعر سلعة ما بقيمة نصف ريال فقط، فإنه يضرب عصفورين بحجر واحد، فنصف ريال ارتفاع بسيط جداً لدى أغلب العامة، ويكون المتسوق قد اشترى بضاعة أخرى بنصف ريال آخر، والتاجر استفاد هنا بقيمة ريال كامل في كل عملية”. وطلب المواطن عبدالعزيز العسيري إلغاء فكرة التخلي عن العملة المعدنية، أو ما يسمى بالعامية (الهلل). وأبان الدوسري أن الحرج من طلبه من البائع أمر في غاية المنطقية، وليس معيباً، أو منقصاً للشخص “من واقع تجربة شخصية، عندما أشتري من بعض العمالة احتياجات المنزل بمبلغ يفوق 500 ريال بنصف ريال مثلاً، فأطالبه بإعفائي من النصف ريال، فأقابل بالرفض من العامل صاحب المنشأة، بحجة أن السعر ثابت. ينبغي أن تكون مطالبتنا بحقوقنا أيضاً ثابتة، فكما يرفضون التنازل عن الزيادة التي مقدارها نصف ريال، يجب أن نرفض التنازل عن النقص، والذي هو نصف ريال أيضاً”. ثقافة الأجنبي وقال سعيد الحجري: “من المؤسف أننا أصبحنا تحت سطوة ثقافة الأجنبي، تحديداً، وتحت ثقافة الحياء المبالغ فيه. فمن ناحية، فالعامل الأجنبي لا يأخذ رأيك في الاستبدال من عدمه، وبعد أن ينهي عملية الحساب تجده يرمي بين الأغراض علكة، أو “باكيت” محارم صغيراً، فنقابله بالصمت، وكأننا مقتنعون بفعلته تلك، ولو أننا جعلناهم يحسون بأهمية العملة المعدنية، لحرصوا على وجودها. ومن ناحية أخرى، تجد الشخص يخجل من نظرات المحيطين به أمام طاولة البائع إذا طالب بنصف ريال، خوفاً من إطلاق ألفاظ البخيل، أو ما شابه، مطالباً بزيادة الوعي والثقافة لدى المتسوقين”، مؤكداً ضرورة تثقيف المجتمع بأهمية العملات المعدنية. هدر كبير وفي الجانب الاقتصادي، أكد المحلل الاقتصادي، الدكتور أنور عشقي، بأن تجاهل مثل هذه التعاملات في الفترة الأخيرة هدر كبير في السوق له مضار، ومؤثر على مستوى العملية التجارية بشكل كامل، ولك أن تتخيل في حال رفض الزبون العملة المعدنية وبقيت لدى أغلب المستثمرين، كم من الهدر المالي سيتم خلال يوم واحد فقط على مستوى الحركة التجارية لمدينة واحدة كبيرة، كالرياض، أو جدة، مثلاً، مطالباً بمناقشة هذا الهدر المالي، إن صحت التسمية، فالمتضرر هنا هو المواطن، أو الزبون عموماً. كيس العملات وذكر رجل الأعمال محمد العامر أن قلة استخدام العملات المعدنية ظهرت في كثير من المواقع، وخصوصاً مع اختفاء كبائن الاتصال التي كانت موجودة في فترات ماضية، حيث كان يحرص كثير من المواطنين على وجود كيس صغير مملوء بالعملات المعدنية في سيارته، لغرض استخدامها في كبائن الطرق العامة متى ما احتاج إلى اتصال. ومن وجهة نظري، هي اختفت مباشرة كما اختفى دليل أرقام الهواتف الذي كان يحمله أغلب الأشخاص. خطرة على الأطفال كما تحدث عضو مجلس الشورى، ومالك شركة الندى، عبدالوهاب بن مجثل، عن اختفاء العملات المعدنية لجيل شاب يرى أن وجودها معه هو نوع من أنواع التكلف، وقد يصيبه الخجل من وجودها معه، ويتحرج من نظرة أصدقائه لها في جيبه، نظراً لأن ثقافة الجيل تصنف حاملها في جانب من صنفهم الجاحظ في زمانه بالبخلاء. كما كشف آل مجثل أن بعض الأهالي لا يحب وجودها في المنزل، لما لها من خطورة صحية على الأطفال، ففي أوقات متفاوتة نقرأ، أو نسمع، عن حالات بلع أطفال لعملات معدنية، وفي بعض الحالات تتوقف في حلقه، ما قد يؤدي إلى الوفاة، وهي من الأسباب التي تجعل الناس يستغنون عنها في وقتنا الحالي، لقلة أوجه استخدامها، أو بالأصح انعدام أوجه استخدامها، ووجود أضرار جسيمة من وجودها في بعض الأحيان. العرض والطلب فيما ترى مؤسسة النقد أنه من المبادئ التجارية وجود مبدأ يسمى “العرض مقابل الطلب”، فقلة الطلب تستدعي مباشرة قلة المعروض، أو انعدامه. وفي الوقت ذاته، فإن وجود العملات المعدنية مستمر، ولا يمكن بأي حال إلغاؤه إلا بقرار رسمي، ولكن تسويقها في الفترة الحالية شبه معدوم، لعدم وجود رواج حقيقي لها في الأماكن التجارية. المستهلك يرفضها وعن حجم الكميات المتداولة، أكدت المؤسسة أنه لا يمكن تحديد رقم معين لحجم تداول هذه العملات، ولكن هي موجودة ومتوافرة تحت الطلب في أي وقت. وفي السياق ذاته، أبدى عدد من مالكي المحلات التجارية أن انعدام الاستخدام للعملات المعدنية يعود للمستهلك نفسه، فغالباً ما يتم رفضها من قبل المتسوقين لأسباب مازالت غير منطقية، فبعضهم يرى أن العملات صغيرة الحجم، وتتعرض للفقد في أي وقت، وبعضهم يتحرج من حملها، في وقت سادت فيه العملة الورقية، كونها الأسهل في الحمل والاقتناء. تحويلها إلى ورقية وأكد رجل الأعمال أحمد آل غندف، أنه اقترح أثناء ندوة في الغرفة التجارية في عسير تحويل عملة النصف ريال إلى عملة ورقية، ولو حدث ذلك لوجدت إقبالاً كبيراً من الناس، لأنها تتساوى في الاقتناء والحفظ مع العملات الورقية الأخرى، ولكن أن تبقى بشكلها الحالي فهي عرضة للاندثار. وأضاف أن أغلب المحلات التجارية قد تبيع من علب المناديل الورقية، والعلك، ما يوازي مئات الآلاف من الريالات، بسبب نصف الريال الذي نستهين به. يتبرعون بها وفي اتجاه آخر، رأى حسين الشهراني، وهو أحد الباعة في محلات المواد الغذائية، أن فئة من الناس تقوم بأخذ العملة المعدنية، ولا تستبدلها بأي صنف آخر، ويضعها في صندوق يكون غالباً إلى جوار “كاشيرات” المحاسبة، ويخص مراكز التبرع للجمعيات الخيرية. ويعود ذلك إلى سببين، رغبتهم في الأجر، ولمعرفتهم بعدم استفادتهم من هذه العملات، إما للضياع، أو صعوبة نقلها. وكشف الفنان التشكيلي عبده محرزي أن العملات المعدنية تشكل بعداً فنياً وتشكيلياً لعدد من التحف التي يقوم على تشكيلها عدد من الفنانين، وكذلك يتم الاستفادة منها في تنفيذ أعمال الطباعة في تحف الصلصال والتحف الفخارية. عملات معدنية تعود إلى عهود مختلفة من الدولة السعودية