سمعت دعايةً أمس يتذمر فيها الزوج من إدمان زوجته على المسلسلات التركية فترد عليه أن السبب هو جبنة أولكر. هذه الدعاية تشبه نظرية بافلوف في التعلم الشرطي، التي طرفاها جرس وكلب. وهي بالمختصر المفيد توجه رسالة تسويقٍِ إلى الأغبياء فقط، الذين يحركهم التعلم الشرطي! في دعاية أخرى تتغزل الحامل بفخامة ورفاهية مستشفى محدد، بينما يفترض أن تبحث عن مكان آمن طبيا لسلامتها وسلامة جنينها، لأن الرفاهية هنا إضافةٌ وليست أصلاً، فإن غلبت الرفاهية على الخدمة كانت النتيجة تشوهات ووفيات. هاتان دعايتان متتاليتان في فترة الذروة تمثلان منتجين يتمتعان بشهرة وخبرة، فهل هذا الانحراف عائد إلى ذوق الإدارة وفهمها للذائقة المحلية؟ هل من المحتمل أن الإعلانين صادران عن شركة واحدة تعتمد سياستها على نظرية بافلوف؟ وكيف اتفقت المؤسستان على جمالية الإعلان واليقين بتأثيره؟ ومَن الذي أقنعهما بهذا الالتفاف، خصوصاً أن الإعلانين يعتمدان المرأة مركزَ وعنصر الاستقطاب الأساسي؟ الإعلان ليس مجرد صناعة بل هو نتيجة لقراءة معمقة للمجتمع، ومعرفة توجهاته واهتماماته لتكون الرسالة أكثر جاذبية وحيوية، وأسرع تأثيرا، لتحقق الغاية منها، ولذلك ارتبط الإعلان بالقدرة على استقراء مزاج الشريحة المستهدفة ومن ثم مغازلة هذا المزاج والارتباط به. من المؤكد أن الشركة لم تقم بدراساتها، وإن كانت تزعم أنها فعلت، فهي لم تسأل جيداً أو لم تفهم الإجابات أو اصطنعتها داخليا. ومن المؤكد أن الذي وافق على الإعلان بهذه الصيغة يجد فيه ذكاءً وترويجا، وبراعة في الاقتناص. فإن كانت الشركة المنفذة قاصرة فإنها ليست المسؤولة كليا لأن مَن منحها الإذن يؤيد حقيقة تصورها عن المجتمع، ويدفع به. مسكين من يدفع غالياً ليشتري بضاعة تستخف به!.