يعيش كثير من الآباء والأمهات حاضرين غائبين عن عائلاتهم وقد شغلتهم مشاغل الحياة عن رعاية الأبناء ومتابعة شؤونهم، ويعتمد معظمهم اعتمادا كاملا على الخادمات في الاهتمام بالمنزل وتربية الأطفال فتتحول الخادمة من عاملة مسؤولة عن تنظيف المنزل إلى أم بديلة، ودون أن تفكر الأم المسؤولة عن تربية الطفل وحمايته في ماضي الخادمة وإذا كان طفلها في أيدٍ أمينة أم لا. الاعتماد الكامل على الخدم في تربية الأطفال وعدم مراقبتهم باستمرار من قبل الوالدين يؤدي إلى عواقب وخيمة كالحادثة التي وقعت مؤخرا في الإمارات والتي أقدمت فيها إحدى الخادمات الآسيويات على الاعتداء جنسيا على طفل مخدوميها والذي لم يتجاوز عامه الأول ولم تكتف المجرمة بهتك عرضه بل قامت أيضا بالتعدي عليه بالضرب ووضع الوسادة على وجهه لمنعه من البكاء، ولولا أن أم الطفل شعرت بالريبة من خادمتها وقررت تركيب كاميرا مراقبة داخل منزلها لظل الطفل المسكين يعاني من انحراف الخادمة ووحشيتها لفترة طويلة، وهذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل الإهمال الأسري وتهرب الوالدين من مسؤولياتهم تجاه أطفالهم وعلى رأسها توفير الأمن النفسي والجسدي لهم، فكم من طفل وطفلة في عالمنا العربي تعرضوا للتحرشات الجنسية أو التعذيب أو العنف اللفظي على يد الخدم ودون أن يكتشف الوالدان ما حدث لأطفالهم بسبب انشغالهم بالوظيفة أو مطاردة أحلامهم وربما ملذاتهم، ويلازم الطفل المهمل في كثير من الأحيان الخادمة «الأم البديلة» طوال اليوم مما يؤثر سلبا على تنشئته فيتأثر بلغتها وعاداتها ويقلد طقوسها الدينية -إذا كانت غير مسلمة- ومع مرور الأيام يتعلق بها بشدة وقد يمرض عند رحيلها ظنا منه أنها والدته فهي من تتولى مهمة إطعامه وشراء الملابس له وتوصيله إلى المدرسة وهي من ترافقه إلى اللعب وزيارة المراكز التجارية وحتى عند مراجعة الطبيب، وقد شاهدت قبل أيام قليلة طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها في أحد المجمعات التجارية برفقة خادمة وسائق وكانت الخادمة هي من تختار لها ملابسها، فهل مسؤوليات الوالدين تنتهي بإنجاب الأطفال؟! هذا الموقف وغيره من المواقف غير المبالية بسلامة الطفل وأمنه تجعلني أطالب بتجريم ترك الأطفال دون سن 6 سنوات مع الخدم دون رقابة ومعاقبة الوالدين على إهمالهم بسبب تعريض حياة طفلهم للخطر فكثير من الخادمات والسائقين ينتهج أساليب العنف والتوبيخ أثناء فترة رعايتهم للأطفال، وقد يساهم في حل هذه المشكلة إنشاء الحضانات داخل الأحياء وفي كل مقر عمل نسائي لحماية الأطفال وخاصة الصغار منهم من جرائم الخدم.