عند الربط بين حوادث متفرقة حدثت في المدارس السعودية خلال العام الجاري سنجد ان ابناءنا طلاب المدارس قد غزاهم العنف في التعامل فيما بينهم، ونرصد الحوادث التالية: (حادثة طعن في الطائف قتل على اثرها الطالب)، (حادثا طعن في الظهران)، (سجلت مستشفيات الطائف أكثر من عشرين حالة اصابة بين الطلاب المراهقين ونجم عنها اصابات متفرقة). وهذا العنف الذي انتشر بين طلاب المدارس يعود في اساسه الى الافكار التي تحملها الالعاب الالكترونية من تشجيع على القتل بل ترسيخ ان القوي يقتل الضعيف والكبير يجب ان يتغلب على الصغير وغيرها من قصص عصابات سرقة البنوك والسيارات والدخول في مغامرات المطاردة المشوقة والممتعة في نظر اهالي صغارنا دون ادراك ان هناك غزوا فكريا يتعرض له ابناؤنا واننا نشتريه بأموالنا لهم من اجل لحظات ممتعة عواقبها السلوكية سلبية وخطيرة في حياتهم اليومية العامة. ويظهر بوضوح هنا دور الاسرة في اختيار نوعية البرامج الالكترونية التي يتعامل معها الابناء ومحاولة توجيههم للاهتمام بألعاب كرة القدم مثلاً او غيرها من الالعاب التي لا تؤيد مبدأ العنف والقتل، وتأثير هذه الالعاب الالكترونية في ذهنية الطفل له تأثير السحر في توجيه التفكير نحو العنف او اللاعنف، والامر لا يتوقف عند هذه الالعاب الالكترونية فسلوك الآباء والامهات العام يساهم في تشكيل ذهنية الطفل الفكرية ونوعية اتجاهاته السلوكية المستقبلية في فترة المراهقة، وهناك كثير من الآباء عصبيو المزاج يشتمون السائقين والاخرين اثناء سيرهم في الشارع، او ان تقوم الأم بتوبيخ الخادمة وضربها واضطهادها وحبسها في الحمام! ولابد ان المجتمع السعودي قد سمع عن قصة الام وابنها المراهق اللذين قاما بضرب الخادمة وحبسها في المستودع حتى فارقت الحياة، حيث حكم على الام بالسجن وتم تحويل الابن المراهق الى دار رعاية الاحداث. وهنا يظهر بوضوح ان هناك خللا في سلوكيات اولياء أمور الطلاب والطالبات ادى الى ظهور العنف في المدارس بشكل ملحوظ، والقاء المسؤولية على البيت لا يعفي المدرسة من القيام بدورها التربوي لتحسين سلوكيات العنف خاصة وان بعض الطلاب يعتبرون مدرسيهم القدوة المثالية البديلة في حالة عدم قناعتهم بسلوكيات آبائهم وامهاتهم في البيت. وهذا يضع المدرسين والمدرسات في موقع مسؤولية كبرى تعبر عنها التسمية الجديدة لوزارة «المعارف» ب «وزارة التربية والتعليم» وكما هو معروف في احدث نظريات التعليم انه لا يمكن فصل التربية عن التعليم فكلاهما عمليتان مرتبطتان ببعضهما البعض. ويظهر بوضوح هنا الدور التكاملي وضرورة التنسيق بين المدرسة والمنزل في كل ما يخص الطلاب والطالبات سواء عن طريق الاتصال المستمر بإدارة المدرسة او بالحرص على حضور مجالس الآباء وحفلات التكريم التي تقيمها المدارس طوال العام. والأمر لا يتوقف عند هذه الحدود فقط فهناك دور هام تقع مسؤوليته الكاملة على مفكرينا وكتابنا في محاولتهم لكتابة اعمال ثقافية متميزة للجيل القادم من ابنائنا يحاولون من خلالها وقف ذلك الغزو الفكري الذي استشرى في عروق ابنائنا وجعلهم رهناء لمعطياته السلبية والايجابية ان وجدت.