بعد التردد في حسم مسألة الإلزام بالبطاقة الوطنية للمرأة واختلاف أعضاء مجلس الشورى حول ذلك، يجب أن نسأل: هل اعتماد كتابة العدل على كرت العائلة في توكيل النساء للرجال أمر صحيح قانونياً؟ قبل أكثر من عشر سنوات كنت برفقة زوجتي في إحدى كتابات العدل ودوّن الكاتب أو ابتدع في رأس نص الوكالة عبارة أو وصف أو جملة «حضرت المرأة المحجبة…». هذه عبارة ملتبسة فيها ما يشبه (الغواية) وضلالة قد تتحجج بها أية جهة لها علاقة بالوكالة خاصة في الأمور المالية. وأذكر أنني حاولتُ تفسير اختيار فضيلة كاتب العدل وخرجت منه باحتمالات أن الكاتب، بحسب وظيفته في المحكمة، تأتيه النساء كما يراجعه الرجال. وهو مطالب، والحالة هذه، بإثبات استقامة عيونه وأنها (دغري) لاتزوغ ولاتحْوَلّ ولاتكحّلها أدنى جرأة، فإذا ما لاح شك أو توجس في أفق داخله، سارع بإحضار الدفتر الخاص بالوكالة وأطلع (المحكمة الداخلية) على صور الوكالات المتعلقة بالنساء وكيف أن مفردة (المحجبة) مضافة إلى كل امرأة تحضر إليه. وربما أن الكاتب غير مقتنع أصلاً بسلامة الإجراءات، وقبل ذلك عدم اقتناع المحكمة بسبب وقوع مشكلات واعتراضات على وكالة تم فيها النصب والاحتيال بمساعدة النظام ذاته، فربما جاءت امرأة تلبسُ ليلاً خالياً من القمر والنجوم، أسود، (بالكامل)، وتطلب هذه المرأة إصدار وكالة شرعية توكل فيها زوجها بالتصرف في أملاكها بيعاً وشراء وغيرهما.. وليس لديها أي إثبات سوى (كرت العائلة) المضافة هي فيه، كاسم فقط، مع زوجها.. فما الذي يدريه أن (الموكِّل) هنا صاحبة الأملاك أو هي زوجة الوكيل فعلاً، هل يمكن لكاتب العدل هنا أن يطلب إزالة الحجاب، وكيف يفعل ذلك والمرأة لا (هوية) لها في الأساس (أقصد البطاقة المدنية قديماً واليوم عدم الإلزام بها)، كما أن العرف يقتضي عدم جواز إزالة حجابها حتى في حالة وجود إثبات شخصي مستقل. لذا فإن كاتب العدل تصرّف وفق ما يبعد عنه وعن المحكمة أي (حرج)، وطبقاً لما يخرجهما من دائرة المساءلة لو تحققت شكوكهما فيما بعد. بالتأكيد هناك (خلل)، لكنه ليس في المحكمة ولا في أنظمتها أو أنظمة وزارة العدل. إن الخلل موجود في مكان شائك يسير فيه (متبختراً) ومتعجرفاً ودونه خرط القتاد. إنه هناك في نظام تفكير مجتمع كامل. ما الذي يمنع فتح أقسام نسائية داخل المحاكم؟ وإذا كان الرجال لايثقون في أنفسهم (وعلى الريحة) يخافون من الفتنة، ألا يمكن إنشاء محاكم خاصة بالنساء حيث في كل منطقة تكون هناك محكمة نسائية خالصة من (القاضي) وحتى الفراش.