انتقد اقتصاديون ضعف نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدين أنها لم تتجاوز 10%، رغم أنها حققت في عامي 2010 و2011 معدلات نمو وصلت إلى 49%، ودعوا إلى تفعيل الخطة الاستراتيجية لدعم قطاع الصناعات التحويلية، مؤكدين أنها تحقق عوائد مجزية وتوفر فرصاً وظيفية واعدة. وأشار المستشار الاقتصادي فادي العجاجي إلى أنه رغم استقرار نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية عند 10% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنها تحقق معدلات نمو مرتفعة، إذ بلغ معدل نموها 18,5% في 2010 وارتفع إلى 30,6% في 2011، ورأى أن السبب الرئيس في استقرار نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي يعود إلى معدلات النمو المرتفعة التي حققتها إيرادات النفط في السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفع معدل نمو قطاع الزيت الخام والغاز الطبيعي بنسبة 32,9% و48,4% على التوالي خلال 2010 و2011. وأفاد أن الحكومة بدأت منذ 2004 وضع خطط استراتيجية لدعم قطاع الصناعات التحويلية من خلال إنشاء شركات عملاقة مثل «ينساب وكيان وبترو رابغ والمتقدمة»، مبيناً أن هذه الشركات ستحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وستُسهم في إيجاد فرص وظيفية بأجر مجزٍ للسعوديين. وأوضح أن الطريق لايزال طويلاً لتطوير استراتيجية صناعية تحقق الحد الأدنى الذي يتناسب مع الموارد الطبيعية الضخمة للاقتصاد السعودي، خاصة إذا استثنينا شركة «سابك» التي تعدّ إحدى أهم النقاط المضيئة في تاريخ يمتد لأكثر من ثلاثة عقود من عدم تطوير الاستراتيجية الصناعية، سواء من خلال وزارة الصناعة والكهرباء أو وزارة التجارة والصناعة في مجال الصناعات غير النفطية، برغم الدعم الحكومي الذي انطلق في 1974 بإنشاء صندوق التنمية الصناعية برأسمال 500 مليون، ثم رفعه إلى عشرين مليار ريال حتى أصبح الصندوق منذ 1982 يقدم القروض للمشروعات الصناعية الجديدة من المبالغ المسددة من القروض الصناعية القائمة. وأشار العجاجي إلى أن وزارة الصناعة لم تنجح في تحقيق تقدم ملموس في الأهداف الرئيسة التي أنشئت من أجلها، موضحاً أنه في 1978 ذكر التقرير السنوي لمؤسسة النقد أن «المعيار الذي يحكم قرارات الحكومة في إرساء قاعدة صناعية سليمة يتمثل في ضرورة أن تُسهم الصناعات المقترحة في نمو الدخل القومي وزيادة فرص العمل المجزي، وأن تكون هذه الصناعات في نهاية المطاف قادرة على الصمود في وجه المنافسة في السوق الحرة، ما يؤكد أنه لم يتحقق حتى الآن أي من هذه الأهداف، فلم تفلح الصناعات الوطنية غير النفطية في توفير فرص عمل مجزية أو غير مجزية للسعوديين، ولم تنجح في تحقيق نمو الدخل القومي، كما أن معظمها مازال يوصف بالصناعات الناشئة بالرغم من أن عمرها يمتد لأكثر من ثلاثين عاماً». من جهته، قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إن قطاع الصناعات التحويلية لم يحقق المرجو منه رغم الدعم الكبير الذي يتلقاه، واحتوائه على فرص واعدة يجب على المستثمرين اقتناصها. داعياً إلى عقد الشراكات العالمية كما تفعل حالياً شركتا سابك وأرامكو. ونوّه بالإعلان الأخير لرئيس الهيئة الملكية في الجبيل وينبع الأمير سعود بن ثنيان، عن بدء الهيئة الملكية إقامة تحالفات مع شركتي أرامكو وسابك ووزارة المالية لدعم التوجهات الحكومية الرامية للتركيز على الصناعات التحويلية المعتمدة على الثروات المتاحة من المنتجات البتروكيماوية والتعدينية والنفطية المكررة، ورأى أنه يؤكد على الانتقال إلى المرحلة الثانية من المشروع الوطني الاستراتيجي للوصول إلى إكمال حلقات الإنتاج الثلاث. وأكد البوعينين أن الهيئة قادرة على إنجاز استراتيجية الصناعات التحويلية بكفاءة، مع شركائها الرئيسين سابك وأرامكو ووزارة المالية والشركات الأخرى، مبيناً أن الهيئة استثمرت مليارات الريالات لتطوير المناطق الصناعية تحت مظلتها، ووفّرت فرصاً واعدة للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع، واحتضنت أحد أكبر المنتديات المتخصصة في الصناعات التحويلية لوضع القطار على الطريق الصحيح الذي سيقوده إلى تحقيق الاستراتيجية الوطنية للصناعات التحويلية. بدوره، قال الخبير الاقتصادي فهد البقمي إن ثبات مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي عند 10% خلال العقود الثلاثة الماضية يعود إلى عدم قيام المستثمرين السعوديين بالاستثمار الأمثل في هذا القطاع، موضحاً أن الصناعات التحويلية قطاع حيوي على مستوى العالم، ويمثل إحدى أهم الدعائم الاقتصادية في الدول المتقدمة لما يحققه من عوائد مجزية وفرص وظيفية. وشدد على ضرورة وجود استراتيجية واضحة وهادفة تحقق المطلوب خلال خطة زمنية محددة، فالدول العالمية تقدمت في هذا المجال وقطعت شوطاً كبيراً، بينما المملكة مازالت تراوح عند نسبة لا تقيس الاقتصاد القوي الذي تعيشه حالياً نظراً لارتفاع واردات النفط وتحقيق فوائض في الميزانية خلال السنوات الست الماضية.