شهدت المملكة خلال ال 82 عاما الماضية مشروعات تنموية كان لها أكبر الأثر في إيجاد بنية تحتية، وقاعدة اقتصادية قوية، أسندتا النمو السكاني، وانتعاش حركة السياحة بفعل الحج والعمرة، اللذين شهدتهما المملكة خلال العقود التسعة الماضية. وظهر في وقت مبكر جدا اهتمام الدولة بالمشروعات التنموية حيث قدمت مساهمات كبيرة في قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة، والأمن الغذائي، فالقطاع الصناعي تم إدراجه في وقت مبكر في الخطط الخمسية للتنمية، الأمر الذي انعكس إيجابا على مساهمته في الناتج المحلي. كما أبدت الدولة اهتماما كبيرا بالأمن الغذائي تجلى في إنشائها لوزارة الزراعة و المياه منذ بداية تأسيسها السعودية لتتولى مهمة التخطيط والتنفيذ للمشروعات الزراعية والمائية. وبالتزامن مع هذه المشروعات التنموية ظهر التمدد الأفقي للخدمات بشكل جلي وواضح، ففي مجال الطرق أبدى المؤسس الملك عبدالعزيز اهتماما مبكرا بها، حيث تم في عهده تعبيد مجموعة من الطرق البرية. وتواصلت هذه الجهود في عهد أبنائه فبعد تأسيس وزارة النقل، كان مجموع أطوال الطرق وقتها حوالي 239 كيلومترا فقط، إلا أن الوزارة تمكنت خلال فترة وجيزة من تحقيق اختراقات كبيرة في مجال الطرق ففي 1390 ه وهو بداية خطة التنمية الأولى بلغ مجموع أطوال الطرق المسفلتة أكثر من8500 كلم، ومع نهاية السنة الثانية وصل إجمالي أطوال شبكة الطرق إلى ما يزيد عن 193ألف كلم. كما شهد قطاع النقل في المملكة طفرة هائلة مع التطور الكبير في الموانئ حيث أسست المؤسسة العامة للموانئ عام 1976م وتولت بمجرد تأسيسها إدارة وتشغيل ثمانية موانئ رئيسية على ساحلي المملكة، يبلغ مجموع أرصفتها 183 رصيفاً، منها 137 في ستة موانئ تجارية، و46 في ميناءين صناعيين، وتشكل هذه الأرصفة في مجموعها أكبر شبكة موانئ في الشرق الأوسط. سعد القرشي وقال رئيس لجنة النقل في غرفة مكة التجارية سعد القرشي ل»الشرق» إنه خلال السنوات الماضية شهدت الموانئ نقلة نوعية، ونفذت عديداً من مشروعات التوسعة فيها خاصة ميناءي جدة الإسلامي، وجازان حيث افتتحت صالة ركاب جديدة مجهزة، وميناء الملك عبدالعزيز في الدمام. ولفت القرشي إلى أن حركة الركاب القادمين عن طريقي ميناءي ضبا وينبع شهدت كثافة مطردة، في السنوات الأخيرة، وتسهيلا للإجراءات، إضافة إلى زيادة كمية كبيرة في البضائع التي تنقل عبرها من وإلى المملكة. ويؤكد القرشي أن الموانئ في المملكة مقبلة على تطور نوعي آخر، فهناك توسعات ضخمة في ميناء ينبع حيث يجري الآن تطوير بنيته التحتية، وإزالة العوائق الصخرية من الممر الملاحي للسفن، كذلك يشهد ميناء جدة توسعات كبيرة انعكست على مستوى حركة النقل فيه حيث يستقبل سنويا أكثر من 300 ألف حاج ومعتمر وزائر، كما أن المملكة تشهد استحداث موانئ جديدة مثل ميناء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الذي يجري إنشاؤه الآن، لافتا إلى أنه بلغ مجموع ما اعتمد للمشروعات المخصصة للموانئ هذا العام بلغ 824 مليونا. ولم تتوقف المشروعات التنموية عند الصناعة والنقل، وإنما تجاوزتهما إلى واحد من أكثر المجالات حيوية، وهو المجال الصحي، وربما كان لافتا زيادة المخصصات المالية لوزارة الصحة في العام المالي 1432 / 1433ه، بواقع 12%، واعتماد مبلغ كبير يقدر ب16 مليار ريال لتطوير المرافق الصحية في المملكة، إلا أن هذه العناية حلقة من سلسلة ممتدة في الاهتمام بقطاع الصحة. مجدي حريري وقال مدير شؤون القطاع الخاص الصحي في مكة الدكتور محمد المحمادي ل»الشرق» إن في مكة وحدها توجد 667 مؤسسة صحية خاصة ما بين عيادات، ومستشفيات، ومجمعات صحية، تمثل حوالي 25% من القطاع الصحي الخاص في المملكة. ويشير المحمادي إلى أن أبرز التسهيلات المقدمة للمؤسسات الصحية، إتاحة الحصول على الرخصة إلكترونيا، إضافة إلى تقديم مسوغات فتح المستشفيات والمجمعات الصحية على الموقع الإلكتروني للوزارة، والحصول على الخدمة في وقت قياسي، ودون الحاجة إلى مراجعة المديريات الصحية. كذلك لم تستثن مشروعات التنمية، الإسكان، ففي 1975م، وبعد البدء في تطبيق الخطة الأولى تم تأسيس صندوق التنمية العقاري، لإقامة المساكن الحديثة والمجمعات السكنية في مختلف أنحاء المملكة، ويرتبط بصندوق التنمية 29 فرعا موزعة على مختلف أنحاء المملكة. وتشير تقارير الصندوق إلى أنه قدم منذ تأسيسه أكثر من 811 ألف قرض، بقيمة إجمالية تزيد على 263 مليار ريال لبناء أكثر من 974 ألف وحدة سكنية. وقال عضو لجنة الإسكان في المجلس رئيس مجلس إدارة شركة مكيون الدكتور مجدي حريري ل»الشرق» إن خطط الإسكان في المملكة تتأسس على أربع استراتيجيات، أولها المتطلبات التنظيمية للإسكان، ويشمل هذا المحور وضع إطار قانوني للإسكان، وآليات تسويق، إضافة إلى الأنظمة الفنية لأغراض الإسكان، وثانيها كفاءة سوق الإسكان ويشمل إيجاد سوق مستدامة بآلية طبيعية تتناسب مع مقدار العرض والطلب، وهذا يحتاج إلى بيانات، ونظم مراقبة، ونظام أسعار شفاف. أما ثالثها فهو دعم الإسكان، وهو يشمل الدعم الحكومي من خلال صندوق التنمية العقاري وتمويل بناء الوحدات السكنية، بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص، والخيري. بينما يأتي المحور الرابع لإنتاج وتوفير المساكن الميسرة لذوي الدخل المحدود. مجموعة من الطرق الرابطة بين المدن (الشرق) طفرة كبيرة في توسعات الموانئ وفي الحركة التجارية عبرها (الشرق)