جاء تقرير البعثة الدولية لتقصي الحقائق في سوريا كدليل إدانة جديد ضد نظام بشار الأسد يوثِّق ما ارتكبته قواته من مجازر بحق المدنيين وما شنته من هجمات عسكرية على المستشفيات والمراكز الصحية التي تتم داخلها معالجة المتضررين من قصفها العشوائي الغاشم للمدن والأحياء, الذي أدى إلى شل الحياة في هذه المدن وتوقف عمل المستشفيات إضافة إلى تدمير كبير في البنية التحيتة، ومقتل عشرات الآلاف من السوريين. وبالتزامن مع هذه الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية تتواصل مأساة اللاجئين السوريين إلى الدول المجاورة لوطنهم، إذ يعاني هؤلاء بعد هروبهم من أتون الحرب لتستمر معاناتهم في مواقع لجوئهم في ظل أوضاعٍ إنسانية صعبة. وبحسب الإحصاءات الأخيرة، بلغ عدد المهجرين إلى خارج سوريا نحو 250 ألفاً فروا إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق، أما النازحون في الداخل السوري فارتفع عددهم إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون أُجبِروا على ترك منازلهم أو ما تبقى منها بفعل القصف المدمر ولجأوا إلى معسكرات النزوح، التي تتسم بوضعٍ معيشي سيئ. وتتطلب هذه المآسي التي يمر بها الشعب السوري أن لا تفتُر الجهود الخارجية الرامية إلى مساعدته للخروج من محنته على الصعيدين السياسي والإغاثي. ويبدو لافتاً أن نبرة بعض القوى الدولية في إدانة ما يجري في سوريا بدأت تخفُت خصوصاً بعد أحداث العنف التي وقعت في عدة مدن عربية بسبب أزمة الفيلم المسيء للإسلام، وهنا حاولت بعض القوى الدولية الربط بين الحدثين وتحذير الغرب وأمريكا بالتحديد من الاستمرار في تأييد الثورة ضد بشار الأسد بدعوى أن الجماعات المسلحة التي تقاتله ستنقلب عليها كما فعل من قتلوا السفير الأمريكي في بنغازي. ويستهدف هذا الخلط الجائر، الذي تروج له بعض الأصوات وخصوصاً في موسكو، تعطيل مسار الثورة السورية عبر إلصاق تهمة الإرهاب بشبابها وإفقادها تعاطف العالم وخصوصاً القوى الفاعلة على الصعيد السياسي، وهو ما كان الأسد يسعى له منذ اليوم الأول للانتفاضة على سلطته. إذاً، نحن أمام محاولة لإضعاف الدعم المقدَّم للسوريين عبر المساواة بين النظام والمعارضة في الفعل لتتوقف مساندتها وبالتالي تميل الكفة مرة أخرى في صالح النظام ليواصل قتل المدنيين، وهو ما ينبغي أن يتنبه له أصدقاء الشعب السوري في هذه المرحلة.