استعاد “العكاظيون الجدد” خلال المهرجان الذي بدا في الطائف السعودية منذ أيام راية الشعر العربي الفصيح من أسلافهم أصحاب المعلقات التي بهرت العالم قبل حوالى 15 قرناً. ففي عمل فني مسرحي، يحاول المخرج فطيس بقنة تأكيد امتداد راية الشعر العربي الفصيح من الأسلاف إلى الأحفاد عبر “العكاظيين الجدد”، بحيث يحتكم الشاعر الراحل غازي القصيبي إلى أحد أهم شعراء العصر الجاهلي النابغة الذبياني. ويقول بقنة لوكالة فرانس برس إن “الهدف كان التوضيح أن المثقفين والمبدعين والشعراء في السعودية اليوم ما هم إلا امتداد لأسلافهم العكاظيين قبل 1500 عام، فالساحة الأدبية مليئة بهذه العطاءات، ولذلك اتخذنا الراحل القصيبي رمزاً للعكاظيين الجدد”. وينجح القصيبي خلال المسرحية منشداً أبياته على صخرة سوق عكاظ، حيث كان ينشد أصحاب المعلقات السبع أشعارهم أمام قبائل العرب قاطبة إبان العصر الجاهلي، فيقوم النابغة بتسليم راية عكاظ للقصيبي، مؤكداً أحقيته في حملها بعد 1500 عام. واستحضرت سوق عكاظ في دورتها السابقة حكيم شعراء الجاهلية زهير بن أبي سلمى المتوفي عام 602 ميلادية عبر مسرحية لأشهر حروب القبائل العربية قديماً، وهي داحس والغبراء التي استمرت نحو أربعين عاماً. وقال الكاتب السعودي فاضل العماني، أحد ضيوف سوق عكاظ، إن “فكرة العمل كانت جميلة جداً من خلال تمازج شخصية مثيرة للجدل، مثل الراحل القضيبي” مع شعراء من عصور قديمة. وأضاف لفرانس برس أن “العمل يحاول إجراء مقاربة بين الأسلاف في العصر الجاهلي وأحفادهم اليوم”، مشيراً إلى أنه “يبشر بولادة ثقافة مسرحية وطنية”. وافتتح الأمير خالد الفيصل أمير مكةالمكرمة، مساء الثلاثاء في الطائف، فعاليات سوق عكاظ الثقافي، وسط حضور عدد من الأمراء والوزراء ورجال الأدب والثقافة من داخل المملكة وخارجها. ونالت الشاعرة السودانية روضة الحاج جائزة شاعر عكاظ للعام الحالي، واعتبرت فوزها “فتحاً جديداً للنساء” في العالم العربي. وقالت عقب تسلمها الجائزة “شرف لي ولتجربتي أن أقف هذا المساء وفي المكان ذاته حيث وقف كبار شعراء العرب قبل 1500 عام”. وأضافت بعد أن قلدها أمير مكة بردة عكاظ “أتمنى أن يكون فوزي فتحاً جديداً لكل المبدعات العربيات، وأهديه إليهن”. وأكدت لفرانس برس سرورها “كوني أول امرأة تحصل على بردة سوق عكاظ (..) لكن سعادتي تكبر لأن الجائزة إشارة خضراء للنساء العربيات بأن الطريق أمامهن مفتوح، وأن الحاجز الكبير الذي استمر آلاف السنين وصور للذهنية العربية أن الشعر قاصر على الرجال انكسر”. وشددت روضة الحاج على أن “المحرمات (التي تقضي) باستبعاد النساء انتهت إلى الأبد (…) فالطريق معبدة أمام أقدام النساء الواثقات الجريئات”. في السياق ذاته، حل أسطورة الحب والحرب الشاعر الفارس عنترة بن شداد ضيفاً على النسخة السادسة لعكاظ مسلطاً الأضواء على جدلية الجمع بين الحب والحرب. وقال محمد سمان المتحدث الرسمي باسم السوق إن “تجسيد دور عنترة هذا العام يأتي في سياق موقعه الطبيعي بين شعراء المعلقات”. وأضاف “تتطرق المسرحية إلى طفولة عنترة وشبابه وكهولته، كعبد يطارد حريته حتى نالها بشجاعة متفردة جعلت من بطولاته أسطورة في روايات العرب وقصصهم (…)، والعمل يبرز التضاد الذي جمعه في شخصيته كمقاتل شرس، ومحب عاشق”. وبالإضافة إلى زهير بن أبي سلمى المزني، وعنتر بن شداد العبسي، تضم لائحة أصحاب المعلقات أيضاً امرؤ القيس الكندي، وطرفة بن العبد البكري، وعمرو بن كلثوم التغلبي.. وهم عاشوا بين أواخر القرن الخامس والقرن السادس للميلاد، ولبيد بن أبي ربيعة. واعتمد القائمون على العمل شخصية الحكواتي لقفزات زمنية تربط بين مشاهده بغية إيجاد مزاوجة بين سرد الحكواتي، ولغة السير الشعبية. وقال أحمد الصمان، مخرج مسرحية عنترة “تطرقنا إلى جوانب أخرى في شخصية عنترة، مثل العنصرية، وكسب العيش، والكرامة” مشيراً إلى أن “قصته مع ابنة عمه عبلة جاءت كجانب جمالي في العمل فقط”. أ ف ب | الطائف