أثناءَ مشاركةٍ سعوديةٍ، كنت بجوار عرّاب الثقافة العمانية الأستاذ أحمد الفلاحي بمسقط حين سألني بعض المنتسبين للإبداع والأدب عندنا: «كيف يكون هؤلاء أدباء وكتّاب وهم لا يجيدون العربية؟! إنهم كارثة عليكم!» في كتاب (رفاق سبقوا) يحكي لنا ياسين رفاعية قصة طريفة عن صديقه معين بسيسو وهو يسحب ممثلاً من ربطة عنقه ملقياً به خارج الخشبة عندما أخطأ في النحو! كان يقول إن «الممثل مثل الأديب عليه اتقان عمله قبل تقديمه للناس!» ولنا أن نتساءل، ما الذي سيفعله لو أخطأ أمامه شاعر؟! ربما نتّفق على أن بسيسو كان قاسياً جداً. ولعلّ غيرته على اللغة هي التي دفعته لذلك. ولكنني أعتقد معه أنّ من أبسط حقوق الأدب على الأديب اتقان اللغة، فلا رخصة في إفساد أبجدياتها، ولا تسامح في معرفة طرائق استخدامها أبداً. ذلك حتى لا يذهب الأدب ويبقى الأديب فارغاً إلا من وهم يتسيّد عقله (المنتفخ) بأنه السوبركاتب القادر على صناعة الصورة المدهشة من دون الحاجة لمعرفة اللغة التي (يتبجّح) بها النحاة (أعداء الأدباء)! أتفهم –أحياناً- اللّحن الذي قد يقع فيه بعض بسبب الارتباك، أوالقلق من الجمهور، أوهيبة المايكروفون. لكن أن يكون اللّحن هو المتن والفصاحة هي الهامش فتلك كارثة كبيرة! ما يدهش اليوم هو مقدار التشويه الفظيع الذي يرتكبه (أدباؤنا) وهم يعتلون المنابر الثقافية رافعين المفعول، وناصبين الفاعل! غير قادرين على التفريق بين (كان) و(إنّ)! وهم مع ذلك كله يبتسمون لجمهور (مسكين) أجبرتهم المجاملة على البقاء في مقاعدهم بوجوه صفراء. اقتراح: رحمةً بنا، أوكلوا لأحدٍ كتابةَ وقراءةَ نصوصِكم نيابةً عنكم.