على طريقة كرة القدم قرر الأمريكيون -هذه المرة- التعامل مع الوضع السوري. خطأ الأسد الذي احتسب عليه ركلة جزاء، تصدى لها «كاوبوي» محترف، نظر إلى جهة معينة في المرمى خدعت الحارس، ليتم تسديد الكرة في الجهة الأخرى. روبرت فورد يعود إلى دمشق! وجود إسرائيل في خلفية المشهد يفقد المفاجأة الأمريكية دهشتها لعرب ظنوا أن الأمر لا يعدو أن يكون حماية لكيان صهيوني يتخوف من نهاية متعجلة للأسد، في وقت وضعت فيه إيران يدها على قلبها من الرعب بعد تفوق الأمريكيين عليها بهدف!المغازلة الأمريكية للأسد بعودة سفيرها إلى دمشق -تزامنا مع وصول نظيريه الفرنسي والألماني إلى الأراضي السورية- تحفيز للحليف الإيراني على أن يعيد النظر في علاقته بطهران حفاظا على عرش والده.وقت إضافي يمنحه الحكم الأمريكي للمباراة التي يدرك بشار نفسه أنها قد انتهت بهزيمته، ليجد من يمد له يد العون لتخطي الأزمة، ويبعد عنه شبح نهاية مأساوية تعددت سيناريوهاتها في تونس ومصر وليبيا، في حين يثق البيت الأبيض أن صاحب العيون الزرقاء باستطاعته أن يرى بوضوح اليد الأخرى التي تنتظر المقابل!. ثقة لها ما يبررها في رجل لم يتخط طيلة فترة حكمه -التي تجاوزت العقد من الزمن- الخطوط الحمراء المرسومة له. جسّد الأسد عقب توليه السلطة -خلفا لوالده- وبمهارة دور الدوبلير ل»بطل عربي مقاوم»، فنجح في أن يصبح عدوا توافقيا ل»أمريكا وإسرائيل»، بوصفه قائدا يمتلك سنا صغيرة، وطموحا في سلطة دائمة.طوله الفارع الذي ينازع به النجم الأشهر للسينما الهندية «أميتاب باتشان» في امتلاك قلوب الحسناوات وحكمته -التي يراها وحده- في تحليل (مواقف سياسية) ينهيه بإطلاق شعارات رنانة يقابلها مهللون بعاصفة من التصفيق جعلته يرى في نفسه «عبد الناصر زمانه». صورة لزعامة كارتونية لقيت هوى لدى الآلة الإعلامية الصهيونية فضخمت منها لتقدمها للجماهير العربية كمنتج إسرائيلي بتقفيل أمريكي.استمرار الأسد في حفاظه على التهدئة، وإبقاء الحال على ما هو عليه في هضبة الجولان المحتلة، يمنحه الضوء الأخضر بإطلاق يده لسحق معارضيه، فإذا نسي نفسه وتقمصه الدور، وجهت له الجارة الإسرائيلية ضربة قاسية تعيد إليه عقله. أمريكا هذه المرة تعتمد على خطة هجومية تمكنها من الفوز بجملة أهداف تضمن للدولة العبرية مستقبلاً آمناً، وتعيد النسر الأمريكي لممارسة الهيمنة، بعد أن أطاحت الثورات العربية بأصدقائه وحرمته من التحليق بحرية في سماء إسلاميين -في طريقهم إلى الحكم- لم يتم اختبارهم بعد، فضلا عن توجيه ضربة استباقية سياسية لمشروع التحالف التركي الإيراني.التخلي عن دعم حزب الله اللبناني، وفصل التوأمة مع إيران، والتضييق على قادة حماس في سوريا، شروط قد لا تحتاج لمناقشة من جانب الرئيس الشاب الذي لا يجد للخروج من الأزمة سبيلا.تطوير الأدوات الأمريكية في التعامل مع الثورات العربية يأتي كنتيجة طبيعية لمواجهة مارد إسلامي بدأ يؤكد وجوده في الشارع العربي وأجندته تفيض بكراهية مطلقة لإسرائيل وخطة غامضة في التعامل مع البيت الأبيض.