انتشرت في الآونة الأخيرة موضة «السياحة الكروية»، حيث يسافر متابعي الكرة إلى أوروبا لحضور قمة المباريات في دوري أبطال أوروبا، أو لمشاهدة الديربيات المشهورة وبالأخص الكلاسيكو، و كل من رجع يحكي عن تجارب رائعة و أجواء خلابة داخل الملاعب. أما عشاق الكرة الذين لم يسافروا خصيصا لحضور مباراة، وكانوا في أوروبا لتمضية الإجازة فقط، فإنه لا يفوتهم هم أيضاً أن يأخذوا جولة سياحية في أحد أشهر الملاعب في العالم أو زيارة المتحف الكروي للنادي. أكاد لا أعرف عائلة عادت من أوروبا (لديها طفل عاشق للكرة) إلا وكانت لهم جولة سياحية مع أستاد عالمي، من «برنابيو» في مدريد إلى «سان سيرو» في ميلانو، أو«الكامب نيو» في برشلونة، وغيرها من الملاعب الرائعة. شخصياً لي تجربة جميلة قبل صيفين مع طفلي الذي كان تلك الأيام في الخامسة من عمره، في ميونخ حيث قمنا بزيارة الملعب الشهير «الالاينز أرينا» والذي أقيم عليه إفتتاح كأس العالم 2006. وبالرغم من أن الوقت كان صيفاً ولا توجد أية مباريات مهمة، إلا أن أجواء الملعب كان لها سحر و جاذبية، إضافة إلي متجر التجزئة، الذي كان مليئاً بالأطفال الذين أتوا ليشتروا قميص النادي وشعاره وبعض التذكارات. خرجنا من الملعب فأصبح طفلي من مشجعي بايرن ميونخ منذ ذلك الوقت، ثم أصبح لاحقاً ناديه الثاني بعد برشلونة لأسباب بديهية طبعاً. التجربة ككل، و كل ما سمعته عن زيارات الملاعب الأخرى أعطتني شعوراً عظيماً بالإهتمام الكبير الذي تبذله تلك الأندية للحفاظ على تراثها الكروي وقدرتها على الإستفادة منه مادياً أيضاً، فيما ذلك التراث الكروي يصبح مصدر حب لعشاق النادي و دافعاً للاعين الجدد. أذكر أني حاورت مرة طفل الماني من عشاق الكرة، ففوجئت به يخبرني عن أوفي زيلر و بول برايتنر ولاعبين آخرين لم أعرفهم، واستطاع هو معرفتهم عن طريق العديد من المجلات والكتب والفيديوهات التي كانت بحوزته عن تاريخ ألمانيا الكروي. في المقابل كنت أتناقش عن الفرق بين الكرة الحديثة والقديمة مع زميل لي في العمل وهو في منتصف العشرينات، وهو متابع جيد للكرة ومن عشاق الإتحاد، و فوجئت أنه لم يسمع من قبل عن النجم الإتحادي الكبير عثمان مرزوق، و الذي أعتقد شخصياً أنه رمز من رموز نادي الإتحاد، ومن أفضل من لعب في ملاعبنا الخضراء في مركز المحور. وقبل عدة أشهر حدثني صديق لي بأنه أجرى برنامجا تثقيفيا في مدرسة للأطفال واستخدم ماجد عبد الله كمثال، ثم فوجئ بأن هذا الإسم مر مرور الكرام على الأطفال. تفتقر أجواء الكرة عندنا للمحافظة على الماضي و التراث الكروي الجميل، سواء على مستوى الأندية أو الإعلام. غياب هذا التراث الرياضي يترك فراغا كبيرا يملؤه التعصب الرياضي، فتجد عالم الإنترنت مليئا بالحقائق والأرقام المغلوطة لتشويه تاريخ نجم كبير، فقط لإثبات أن النجم الآخر أفضل منه. أقدم إليكم فيديو صغير يحمل بعضاً من الماضي الجميل، و هو ملخص مباراة تاريخية بين منتخبنا السعودي و المنتخب العراقي عام 1981 في تصفيات كأس العالم. المباراة جرت في ملعب الملز في الرياض، وكانت أول مرة يفوز فيها منتخبنا الوطني على العراق الشقيق، والذي كان في أوج تألقه ذلك الوقت، وكان قد فاز في كأس الخليج 1979 و مثل آسيا في أولمبياد موسكو عام 1980مثل منتخبنا: سالم مروان، عبد الله غراب، صالح النعيمة، محمد عبد الجواد، عثمان مرزوق، فهد المصيبيح، أحمد الصغير و أمين دابو و ماجد عبد الله (أصيب و أستبدل بسعود جاسم) و كان المدرب وقتها مانيللي. تلك المباراة كسرت حاجزا نفسيا مهما لمنتخبنا حيث أصبح في وقتها بإمكانه مقارعة كبار المنتخبات الآسيوية في ذلك الوقت مثل الكويت والعراق، و التي جاءت تمهيدا لتحقيق أول إنجازات المنتخب في عام 1984 موضوع ذو صلة: أين الأفلام الوثائقية الرياضية؟