باتت أزمة الشرعية في تونس تهدد المجلس الوطني التأسيسي، ومردُّ ذلك إلى الوثيقة التي تم إجراء انتخابات المجلس وفقها، إذ تقول إن مهمته تنتهي بعد عامٍ من انتخابه أي في 23 أكتوبر المقبل، لذا صرح بعض قادة المعارضة بأن أعمال «التأسيسي» ينبغي أن تنتهي في ذلك الموعد. لكن اقتراح المقرر العام لهيئة صياغة الدستور، الحبيب خضر، ل 8 سبتمبر 2013 كموعد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة أثار عاصفة من الاحتجاجات في الوسط السياسي التونسي، ما حدا بالمعارضة إلى القول إن حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحكومي، تريد الحكم مدةً أطول لتحكم سيطرتها على مفاصل الدولة وتضمن تكرار فوزها التشريعي. لكن الحبيب خضر رد قائلا إن «على الأحزاب التي لفظها ورفضها الشعب في الانتخابات الماضية أن تستحي ولا تشكك في شرعية المجلس الوطني التأسيسي والحكومة والرئيس بعد تاريخ 23 أكتوبر».وفي الاتجاه ذاته، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، سمير ديلو، أن الشرعية الانتخابية للمجلس التأسيسي والهيئات المنبثقة عنه لا تسقط بحلول 23 أكتوبر ما لم يستكمل المجلس مهامه التأسيسية.وتابع ديلو «تسقط الشرعية عن المجلس والمؤسسات المنبثقة عنه بمجرد إجراء انتخابات جديدة»، مضيفا أن «الحديث عن الانتقال من الشرعية الانتخابية إلى الشرعية التوافقية ليس صائبا قانونيا وسياسيا في الوقت الراهن باعتبار أن مدة انتهاء عمل المجلس مرتهنة بنهاية المهام التي أوكلت إليه». وتسببت وثيقة الانتقال الديمقراطي، التي وقعها 11 حزبا من بينها حركة النهضة في سبتمبر 2011 برعاية رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عياض بن عاشور، التي تعهد فيها الموقعون بإنهاء الفترة الانتقالية الثانية في غضون سنة، في إحداث حالة الارتباك هذه، لكن أعضاء من «التأسيسي» ورجال قانون يقولون إن تلك الوثيقة تعكس شرعية توافقية، أما القانون فلا ينص على مدة زمنية محددة لعمل المجلس. في المقابل، يعتبر شقٌ من المعارضة أن «معركة الشرعية» ضرورية، ويقول نواب معارضون إنهم طلبوا التنصيص على مدة سنة قابلة للتجديد لبضعة أشهر لكن «الأطراف الحاكمة»، على حد تعبير أحد نواب المعارضة، لم تكن جدية في التعاطي مع هذا الموضوع لأنها كانت تتجه منذ البداية في تمديد المدة. بدوره، وصف عضو القيادة الوطنية في حزب العمال التونسي، محمد مزام، التصريحات الصادرة عن مسؤولين في «التأسيسي» بخصوص أجل إتمام صياغة الدستور وتحديد موعد الانتخابات ب «المتضاربة»، وأشار إلى أن الأجندة الزمنية التي تقدم بها المقرر العام للدستور لم تكن محل نقاش واسع من قِبَل مختلف القوى الفاعلة في البلاد، مضيفا «أنه أمر ينبئ بأن العديد من الأطراف، وخاصة الائتلاف الحاكم الذي تقوده النهضة، تسعى إلى صياغة أجندة على مقاسها». جانب من تظاهرات أنصار النهضة الجمعة الماضية (تصوير: علي قربوسي)