تعلمت من يوسف شاهين أن الحكاية الوحيدة التي يمكنك أن تحكيها بصدق هي حكايتك أنت، وتعلمت من بدر شاكر السيّاب إمكانية وأحيانا ضرورة أن تكتب القصيدة على أوراق الوصفات الطبية، ومن الرحابنة أن الفن ليس سوى خطف ولطف، ومن بدر بن عبدالمحسن لزوم أن تنجح العبارة في إعادة الكلمات إلى أصلها الأول: اللون، ومن بوسكجاليا أنك حين تكره لا تفعل أكثر من تحويل صدرك إلى مزبلة، ومن جيروم ستولنيتز أن النقد والفن عموما ليس سوى «نعم» كبيرة ، وأن آلاف اللاءات ليست بقيمة «نعم» واحدة ، شرط أن تكون «نعم» واعية ومدركة، ومن نزار قباني عرفت كم تخفي الكلمات من عصافير مغردة، كان نزار حتى في نثره يغوي الكلمات على الاغتسال بالموسيقى، ومن محمد المخزنجي تأكدت من حقيقة بسيطة: ليس أسهل من قول ما تريد بعدد كبير من الكلمات، غير أنك كلما أكثرت، بعُدْتَ عن الفن، فن الكتابة هو فن المحو، وقرأت لهيغل ما يؤكد صواب هذا الرأي، فالكتابة الفنية تشبه النحت، وسر أسرار النحت، يكمن في أن الموضوع ( الوجه مثلا ) موجود في الصخرة منذ الأزل، وأن دور الفنان الناحت لا يكمن في إضافة شيء، بل العكس تماما، إنه يكمن في إزالة الزوائد عن الصخرة لنكتشف ( الوجه ) المنحوت، ومن هيغل تعلمت أن كمال كلمات الأغنية يستلزم نقصها، لتترك مجالا للموسيقى لإتمامها، وأن اللحن هو أساس الأغنية، إذ لا يمكن لأغنية أن تنجح دون لحن طيب، ومن صقر الرشود تعلمت أن على المخرج المسرحي التعامل مع خشبة المسرح كأنها خشبة على ماء، يجب أن تتحرك مجموعة الممثلين، وكذلك الإضاءة، والديكور، والموسيقى، بحيث يظل توازن الخشبة قائما وإلا فإنها سوف تغرق، ومن أحمد الربعي تعلمت أن من علمني حرفا، صرت به، و له، حرّا..!، ليتني بما تعلمت عملت..