أظهر آخر بحث للإنفاق الاستهلاكي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (2006م) قبل ستة أعوام، أن متوسط إنفاق الأسرة السعودية الشهري بلغ 13.3 ألف ريال، ولم يوضح البحث المختصر (أو لم ينشرها بمعنى أدق) التوزيع النسبي للأسر السعودية حسب مستوى إنفاقها! حيث اكتفى -على سبيل المثال- بذكر أن الأسر التي دخلها أقل من 1000 ريال شهرياً تنفق نحو 799 ريالاً (%33.2 للأغذية والمشروبات، %42.8 للسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود)، وهكذا لبقية فئات الدخل الشهري (1000-1499 ريالا، وصولاً لأكثر من 25 ألف ريال). ولم يوضح البحث توزيع الأسر السعودية حسب تلك الفئات من الدخل! كأن يبيّن أن نسبة من دخلهم الشهري للفئة 1000-1499 ريالا شهرياً تبلغ نسبة كذا، وعددها يبلغ كذا أسرة! وهكذا لبقية الفئات من الدخل، لتكون نتائج البحث أكثر فائدة وجدوى، ولتقطع الطريق على أي تخميناتٍ بكل تأكيد أنها ستأتي بعيدةً عن الواقع. الأسئلة الآن: لماذا لا تُقدِم مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (وزارة الاقتصاد والتخطيط) على نشر مثل هذه المعلومات البالغة الأهمية؟ ألا تثق المصلحة والوزارة في تلك النتائج، وأنها فعلياً هي الانعكاس الحقيقي لخطط التنمية التي تُشرف على رسمها ومتابعة تنفيذها؟ وأنَّ نشرها بشفافية سيضع مختلف الجهات الرسمية والمراقبين والمجتمع في إطار الصورة الحقيقية لواقعنا الاقتصادي، والذي بدوره سيؤدي إلى أن تعمل كل جهةٍ مسؤولة وفقاً لمؤشراتٍ حقيقية وسليمة تعكس فعلياً الواقع؟ على سبيل المثال، كم نسبة الأسر السعودية التي دخلها الشهري يقع تحت 1499 ريالا؟ وكذا الحال لجميع الفئات الأخرى.. دون تلك الحقائق الرقمية وغيرها من (مفقودات) الإحصاءات اللازمة، والمعلومات المتّصفة بالحاجة الملحّة جداً لمعرفتها ونشرها علناً، سيظل الكثير بيننا (يهرف) ويتصرّف ويقرر بما لا يمت بأي صلةٍ إلى الواقع المعاش فعلياً للمواطن وأسرته! فمتى تخرج تلك المعلومات من بطن الحوت قبل أن نُبتلع من حوتٍ أكبر منه؟!