فرضت أزمة الارتفاعات العالمية لأسعار السلع الغذائية واقعاً جديداً على المستهلكين في أنحاء العالم، وهو أن الأيام التي كان يمكن فيها الإنفاق بما يفوق الدخل قد ولت، لكن الأسر السعودية لا تزال تنفق على استهلاك الأغذية والمشروبات والتبغ والسلع والخدمات الأخرى ذات الطابع الاستهلاكي اليومي . ويبدو أن بعض الدول لم تتعلم بعد من درس الأزمة المالية أو حتى من الدرس الأصعب المتعلق بالارتفاعات القياسية في أسعار السلع الغذائية، فبالرغم من أن هناك اقتصادا في الإنفاق لدى الأسر في الكثير من دول العالم ، يعتبر المستهلك السعودي غير مبال بوضع خطط شخصية للادخار والتوفير . وكانت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة ''الفاو'' قد أكدت أمس الأول،أن زيادة أسعار المواد الغذائية الأخيرة تثير القلق الشديد.. وهذه الزيادة التي بدأت في آب (أغسطس)، سجلت في كانون الأول (ديسمبر) رقما قياسيا منذ 1990 بحسب مؤشر الفاو لهذه السنة، متجاوزة رقما قياسيا سابقا سجل في حزيران (يونيو) 2008. وفي الآونة الأخيرة، برزت على الصعيد المحلي برامج وأدوات مالية تقوم بها بعض البنوك وكبرى المؤسسات الاستثمارية ، لمساعدة الأسر السعودية والأفراد على الادخار وتقليص حجم الإنفاق غير الضروري ، لكن من غير المرجح أن تجد هذه البرامج أي تفاعل بسبب غياب الثقافة الادخارية لدى كثير من أفراد المجتمع السعودي. غير أن المسألة الأصعب وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة، غياب الإحصائيات الدقيقة حول سلوك الإنفاق للأسر السعودية، مضيفاً :" على مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تحديث بيانات سلوك الإنفاق الأسري ودخولهم خلال الفترة من 2008 إلى 2010م، وذلك لتوفير قاعدة معلومات إحصائية تساعد أصحاب القرار والمراقبين ، ومعرفه النمط الاستهلاكي للأسر والأفراد وتوزيعاتهم السكانية ونسبتها على مستوى مناطق المملكة . وقال :" الأسر السعودية تنفق على استهلاك الأغذية والمشروبات والتبغ والسلع والخدمات الأخرى ذات الطابع الاستهلاكي اليومي نحو 75 في المائة من دخلها الشهري ، كما ان الفرد ينفق نفس النسبة تقريبا طبقاً لأحدث مسح للإحصاءات العامة والمعلومات والخاص بإنفاق ودخل الأسرة خلال السنوات الماضية . وأكد ل"الرياض" ، أن الأسرة السعودية تنفق في المتوسط شهريا 94% من متوسط دخلها الشهري بينما ينفق الفرد نفس النسبة من متوسط دخله الشهري، لافتاً إلى أن الإحصاءات تبين ان سلوك الأسرة الانفاقي أو الاستهلاكي لا يختلف عن إنفاق واستهلاك الفرد،فيما تشير المعطيات إلى ان البيئة الاجتماعية والثقافية الاستهلاكية متشابهة لمعظم أفراد المجتمع. وأضاف :" من المهم أن نعرف ان الأسرة فقط تنفق 16.6% من دخلها على الاغذية والمشروبات،و 16.2% على السكن والمياه والكهرباء والغاز ووقود أخرى، كما أنه من الملاحظ إن معظم الإنفاق يتم على السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 26%، ، بينما الإنفاق على الترفيه والثقافة فقط 2.9%. وشدد على ان هناك اختلافا وتباينا لدى متوسط إنفاق الأسرة الشهري على مستوى المناطق الإدارية بالمملكة، حيث جاءت المنطقة الشرقية الأولى بأعلى إنفاق للأسرة (سعودية وغير سعودية) متفوقة على الرياض بنسبة 4% ، وذلك نتيجة لارتفاع دخل الأسرة،ما يفسر النزعة الاستهلاكية للأسرة عندما يرتفع دخلها. وأوضح ، أن الأسرة في منطقه حائل تنفق أعلى من الأسر في المناطق الإدارية الأخرى من حيث استهلاك الأغذية والمشروبات، حيث بلغ إنفاقها 2899 ريالا شهريا وذلك عائد إلى كبر حجم الأسرة السعودية الذي بلغ 7.5 أفراد ، بينما الأدنى إنفاقا كانت الأسر في تبوك والذي بلغ 1667 ريالا شهريا ، وقد يكون ذلك ناتجا من رخص المحاصيل الزراعية لأنها ليست الأقل دخلا. ولفت إلى ان منطقه جازان جاءت الأقل إنفاقا للأسرة السعودية مما يشير إلى تفاوت مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتباينة بين مناطق المملكة، مما جعل خادم الحرمين الشريفين يأمر بتطبيق التنمية المتوازنة بين المناطق من خلال إقامة الجامعات والمدن الاقتصادية وتوزيع الأنشطة الاقتصادية والتجارية. وأكد بن جمعة على أهمية التنمية المتوازنة والمستدامة بين مناطق المملكة حتى يتحسن دخل العائلة ويصبح التباين في المداخيل متقاربا ، مشيرا إلى ان معدل الإنفاق لدى الأسر السعودية على الترفيه يعتبر متدنيا للغاية نتيجة لمحدودية هذا القطاع ولمحدودية توفر الأماكن والخدمات الترفيهية والسياحية.