تعود قضية الإعلام وعلاقته بالدولة إلى الظهور في تونس بعد أن أصبحت المسألة موضوع جدل سياسي في الشارع التونسي. وتجدد هذا الجدل بعدما أصدرت دائرة الاتهام في محكمة الاستئناف بتونس العاصمة بطاقة إيداع في السجن بحق الإعلامي سامي الفهري صاحب قناة «التونسية» بتهمة تتعلق بمعاملات مالية في مجال الإعلام. وفي حين تقول السلطة في تونس إن الفهري مطلوب لأجل قضية تتعلق ب «ابتزاز مالي للتلفزيون العمومي» في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فإن الفهري يعتقد أن تحرك القضاء ضده في هذا الوقت جاء على خلفية بث قناته برنامج انتقاد سياسي ساخر، لافتا إلى أنه الوحيد الذي تم استصدار بطاقة توقيف ضده من بين المتورطين في قضية التلفزيون العمومي. وأضاف الفهري أنه اضطر تحت وطأة «الضغوط الحكومية الشديدة» إلى إيقاف بث البرنامج قبل أربعة أيام من عيد الفطر. في السياق ذاته، أكد رجال قانون أن مثل هذه التهم لا تستوجب صدور بطاقة إيداع في السجن، وعبر عبد الحميد الصيد، محامي سامي الفهري، عن استغرابه من الطريقة المتسرعة في الإجراءات المتبعة في إصدار بطاقة الإيداع في السجن، ووصف الأمر ب «غير مقبول ويعتبر فضيحة». وكان الإعلاميون في التلفزة التونسية نددوا قبل ذلك بما سموه تعيين «موالين» لحركة النهضة على رأس التلفزة الوطنية، مؤكّدين أنّ إيمان بحرون، وهي المديرة العامة الجديدة للتلفزة التونسية الحكومية، تحوّلت إلى «بوق دعاية» لحركة النهضة. من جانبه، قال وزير الخارجية التونسية والقيادي في حركة النهضة، رفيق عبد السلام، إن «الحكومة لا ترغب بالسيطرة على وسائل الإعلام لكنها في المقابل لن تسمح للإعلام أن يتحول إلى منابر معادية لعمل الحكومة»، معبرا، في تصريحاتٍ صحفية، عن عزم الحكومة على ما أسماه «تطهير الإعلام».وأضاف وزير الخارجية أن «الحكومة ماضية في إبعاد أزلام النظام السابق عن الحياة السياسية وعن مواقع القرار السياسي». ويرى مراقبون ومتابعون للشأن العام في تونس أن حالات الصدام بين المؤسسات الإعلامية في تونس والحكومة التونسية بقيادة حركة النهضة الإسلامية بدأت تتكرر في الآونة الأخيرة بصفة متواترة، وهو ما يفتح باب التأويلات حول أهداف الحكومة من وراء تدخلها في قطاع الإعلام بشكل أغضب أصحاب المهنة. صحفيون يتظاهرون في تونس للمطالبة بحرية الصحافة (تصوير: علي قربوسي)