تويتر لمن هم مثلي كنز حقيقي، حقل «إنثروبولوجي» مثالي. ليس لدي متابعون على تويتر، ولست من الذكاء والحكمة بأن يكون لدي «تويتات» تزعم تعليم وتنوير المتابعين، المدفوعين والمجانين على السواء. أنا مواطن غلبان- مثل المواطن الغلبان في الأفلام المصرية- أحاول أن أفهم. هناك مجموعة ملاحظات أولية أود أن أعرضها عليكم، طالبا المساعدة في محاولة فهمها. في تويتر نلاحظ شيئا مثيرا، المواطنون السعوديون ينصحون بعضهم بعدم الثقة بالتعليم الحكومي والاتجاه للمدارس الخاصة. ثمة تذمر واسع النطاق من التعليم الحكومي. ثمة تذمر واسع النطاق من عدد من وزارات الحكومة تقريبا. المواطنون على تويتر يعبرون عن عدم ثقتهم بوعود هذه الوزارة أو تلك. تخيل عزيزي القارئ بأنه – وأنت تبحث عن إجابة لهذه الأسئلة لمساعدتي طبعا- قد أتتك فكرة غريبة بأن تسأل طفلك ذا الستة أعوام السؤال بشكل مباشر، فلربما كانت عنده إجابة: « يعني ويش المواطن ما يثق في الحكومة، يا شااااااطر؟» قارئة الشرق، الخلوقة لطيفة علقت على مقال «ما هي ثوابت المجتمع؟» قائلة «ربما لم أفهم السؤال .... لكنني أعتقد أن ثوابت الأمة هو السلوك المقبول من جميع طوائف المجتمع ... بالنسبة للمعتقد والعلاقات الإنسانية بين المجتمع الواحد»، طيب، سأوافق فقط إذا قلت لي: ما هو هذا السلوك المقبول؟ أريدك أن تفكري معي في وسائل إعلامنا (الإعلام القديم): سقف حرية التعبير في التليفزيون أعلى منه في الصحف. اذهب عزيزي القارئ واسأل طفلك – نفس الطفل السابق- هذا السؤال:» يعني ويش رقابة يا شااااطر؟» لدينا كتّاب طبعا. العشرات والمئات منهم. يقولون لك إن الصحافة باتت صحافة رأي. ولذلك هناك كتّاب رأي. وهناك قراء. يقول قارئ الشرق أبو تميم الربيعة: إنني غير مهتم بتعليقات القراء. الواقع أن هذا صحيح. ولكن ليس دقيقا. أنا مهتم فقط بالقراء الذين يتركون تعليقات حقيقية تناقش، تسأل، تختلف وتتفق وتشرح لماذا. القارئ الذي يقول: إنني رائع أو إنني»مقزز وسافط طبلون لين يضرب في صبة تصحيه وتعدل أشياء عنده» غير مثير للاهتمام. هذا ليس تعليقا، هذه شتيمة. الكتّاب يكتبون في الصحف- قل هذا لطفلك- والصحف سقف الحرية فيها أقل من التليفزيون. هؤلاء الكتّاب يكتبون في داخل إطارٍ من الرقابة في الصحف. ويلعبون أحيانا أدوار الأبطال حين يضعون على الإنترنت مقالا يصفونه بأنه «منع من النشر». دائما يحظى الشجعان بتقديري. وحين تقرأ المقال تدرك فورا لم منع من النشر: لأنه لا يوجد به ما يستحق النشر! هم أنفسهم يذهبون إلى التليفزيون، ويقولون كلاما لا يستطيعون كتابته في الصحيفة التي تدفع لهم. ويكتبون على تويتر أشياء لا يستطيعون كتابتها في المقالات التي تدفع لهم الصحف مقابلها، وتسميها مقالات رأي. اذهب واسأل طفلك بشكل مباشر:»يعني ويش كاتب يا شااااااطر؟» هناك أيضا إعلام جديد (أنا- بكيفي- أسميه إعلام موازي) وهذا الإعلام هو «إعلام شباب». الإعلام القديم يعج بشيء يسمونه «صراع تيارات» (أنا- بكيفي- أسميه سيرك)، يقول «الإسلاميون» إن «الليبراليين» سيطروا عليه وأقصوهم منه. «الليبراليون» يقولون ذات الشيء. الإعلام الجديد «ما فيه الكلام ذا، يستوعب كل التيارات». اذهب واسأل طفلك – من أجلي- بشكل مباشر:«يعني ويش إعلام شباب وما فيه صراع تيارات يا شاااااطر؟». هناك كتاب يوصفون بأنهم كتاب إسلاميون. في التليفزيون أيضا هناك «مشايخ». يكتبون ويتكلمون عن أشياء متنوعة، ودائما بلغة جميلة، وكثيرٍ من الجمل التقريرية، وكثيرٍ من خفة الدم. بعضهم يضعون صورهم على تويتر وهم يلعبون مع أطفالهم أو أقاربهم، أو يخبرونك عبارة حب رائعة «ياسلام لو تقولها لزوجتك». تخيل كل المتابعين الذين سيقولون تلك الجملة الرومانسية لزوجاتهم ذلك المساء. جملة حب واحدة لجميع أفراد الشعب. أليست هذه هي الوحدة الوطنية؟ اذهب واسال طفلك – دائما من أجلي- بشكل مباشر:» يعني ويش وحدة وطنية وشيخ يلعب، يعني ويش «شيخ»، يا شااااطر؟» بالتأكيد هذا ليس مقالا ساخرا وأنا فعلا لا أعرف إجابات لهذه الأسئلة، لهذا أنا أستعين بك وبطفلك. أريد أن أفهم. لا بد أن أحدا ما، في مكان ما، يعرف إجابة لهذه الأسئلة. من غير المعقول ألا يكون بيننا (ونحن 22 مليونا) على الأقل واحد يعرف الإجابات. لذلك اسأل طفلك، فلربما يكون هو الشخص المطلوب. «ما الذي يحدث للسعوديين، يا شاااطر؟»