تعود المسألة المتعلقة بما يصور على أنه صراع إسلامي علماني في تونس إلى ساحة الجدل الاجتماعي والسياسي التونسي في المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط نظام الرئيس السابق بن علي. ذلك أن تونس تشهد صراعات مختلفة بين مختلف القوى السياسية والمصالح الاقتصادية وحتى العقائد الفكرية التي يحتويها الشعب التونسي. وعاد الجدل بعد موجة احتجاجات اجتماعية عمت عديدا من المحافظات على خلفيات متعلقة بالتنمية والتشغيل، كما عاد على خلفية ما تقول المعارضة التونسية أنها اعتداءات التيار السلفي في تونس على الحريات الاجتماعية والسياسية والثقافية في البلاد بهدف «تغيير نمط عيش المجتمع التونسي»، إلا أن المتغير هذه المرة هي أن السلفيين نجحوا في تكوين أحزاب وهيئات سياسية قانونية بحكم قانون الأحزاب في تونس، وأنهم أصبحوا رقما على الساحة السياسية التونسية له أتباعه داخل فئات متعددة في المجتمع. هجوم على الائتلاف الحاكم ووصف حزب التحرير السلفي في تونس في بيان له أمس الأول، النظام الجمهوري بأنه «كافر خبيث حارب الإسلام و المسلمين»، مجددا الدعوة إلى إقامة «الخلافة الراشدة». و شنّ حزب التحرير هجوماً عنيفاً على الائتلاف السياسي في تونس بقيادة حركة النهضة الإسلامية، التي انتقدها الحزب بشدة قائلا « لقد وثق بعضكم في من أحسنوا بهم (حزب النهضة) الظن أنهم سيحكمونا بالإسلام،.. وها أنتم ترون في هذه الأيام أنهم عزموا أمرهم على الاحتفاظ بالنظام الجمهوري معرضين إعراضاً عن نظام رب العالمين». واعتبر أن النظام الجمهوري هو «تكريس لفكرة سيادة الشعب الضالة والمُضلة، باستبدال الخبيث وهو جور الأنظمة، مكان الطيب وهو عدل الإسلام ورحمة رب العالمين». وأضاف حزب التحرير في بيانه، أن»النظام الجمهوري الكافر هو سبب البلاء الذي أصاب العالم». ودعا المسلمين إلى أن «أتموا طاعتكم لربكم بأن تعملوا معنا لوضع الإسلام ونظام رب العالمين موضع التنفيذ بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وأن تنبذوا النظام الجمهوري الكافر، وتعرضوا عن الدولة المدنية العلمانية التي ظُلمتم في ظلها عقوداً». يشار إلى أن حزب التحرير حصل على تأشيرة العمل القانوني من السلطات الرسمية التونسية في17 يوليو، ليكون بذلك الحزب السلفي الثاني الذي يحصل على ترخيص قانوني في تونس بعد حزب جبهة الإصلاح. المعارضة ترفض ممارسة السلفيين و في المقابل، فإن أحزاب المعارضة في تونس بشقيها الليبرالي واليساري إضافة إلى قوى ومنظمات حقوقية ونقابية غير حكومية من المجتمع المدني التونسي تكرر دعوتها السلطات التونسية إلى «اتخاذ إجراءات قانونية صارمة للحد من تجاوزات الجماعات السلفية المتشددة في تونس». كما تدعو هذه الأطراف إلى ضرورة أن تبسط السلطات التونسية من سيطرتها الأمنية داخل البلاد، بما يضمن تعزيز دورها في صيانة الحريات العامة والفردية، ومساءلة كل من يهدد حق الفرد والجمهور بالتعبير عما يعتقده من آراء واتجاهات، مع التفريق بين الحقوق السياسية و حق العمل النقابي و بين «اعتداءات الجماعات الدينية المتشددة في تونس». ويأتي هذا بعد تكرر الاعتداءات على عدد من الفعاليات الثقافية والحقوقية، في الأسبوع الأخير، من قبل عناصر سلفية استخدمت القوة في مواجهاتها مع المشاركين. اعتداءات متبادلة يذكر أنه في ليلة الخميس المنصرم، هاجم نحو مائتي سلفي مسلحين بالسيوف والهراوات والحجارة مهرجان «نصرة الأقصى» بمدينة بنزرت احتجاجا على حضور السجين اللبناني السابق في إسرائيل سمير القنطار، الذي اتهموه بتأييد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بينهم ضابط أمن. وفي مدينة بنزرت أيضا، احتج عدد من المحسوبين على التيار السلفي يوم الأحد ضد هجمات قالوا إنّهم تعرضوا لها على أيدي «مجموعة مسلحة». وذكرت تقارير إعلامية أن «عدداً من الشباب الملتحين كانوا تعرضوا صباح أمس إلى اعتداء من قبل مجموعة تحمل أسلحة بيضاء مباشرة بعد انتهائهم من أداء صلاة العيد»، وأنّه تمّ نقل مصابين إلى مستشفى حبيب بوقطفة بعد تعرضهم لإصابات بأسلحة بيضاء أمام المسجد دون أن يتدخل رجال الأمن.