كشفت مصادر رفيعة ل «الشرق» عن أن الأردن لن يتدخل عسكريا بأي شكل من الأشكال في الأراضي السورية، على الأقل في المدى المنظور. المصادر قالت إن الملك عبدالله الثاني استمع لتقديرات محددة وواضحة للغاية في هذا الصدد من أهم ثلاثة رجال في المؤسسة الرسمية، وهم قائد الجيش الفريق أول الركن مشعل الزبن، ومدير المخابرات العامة الفريق فيصل الشوبكي، ومدير الأمن العام الفريق أول الركن حسين المجالي. المؤسسات الثلاث قدرت منذ انطلاق الأزمة السورية أن من الخطر الكبير على الأردن أن ينهار النظام السوري، ناهيك عن مشاركة الأردن في ذلك الانهيار، تأتي مخاوف الأردن من احتمالية تهجير 400 ألف لاجئ فلسطيني موجودين في سوريا، ومن احتمالية تردي الأوضاع الأمنية في المدن والبلدات الأردنية الملاصقة للحدود، التي يصل عدد سكانها – مع مدينة إربد القريبة – إلى ما يزيد على مليون ونصف مواطن أردني. وأضيف إلى المخاوف الأردنية مؤخراً وجود مقاتلي القاعدة على الأرض السورية، حيث تقدر المؤسسات الأمنية الأردنية وجود ستة آلاف مقاتل منهم، يخشى الأردن أن يحاولوا التسلل إلى أراضيه في وقت لاحق.ولكن خبراء مستقلين قالوا ل «الشرق» إن الخشية الرئيسة للنظام الأردني تتمثل في أن يشكل انتصار التيارات الدينية على نظام الأسد دافعاً لنظيراتها الأردنية للقيام بثورة مماثلة. القادة العسكريون والأمنيون أعادوا مؤخراً تقييم الأمور في سوريا، خصوصاً بعد الحديث عن وعود تلقاها الأردن بمساعدات مالية كبيرة مقابل فتح الحدود الأردنية للمقاتلين السوريين المعارضين. وأعاد القادة الأردنيون التأكيد على نفس التقدير السابق، فيما تشير معلومات «الشرق» أنهم يشتركون مع الملك عبدالله الثاني في أنهم لا يرون انهياراً قريباً للنظام السوري. وعلى الطرف الآخر يبدو رجال الصف الأول السياسي الأردني أكثر انفتاحاً على فكرة التدخل العسكري، ونقلت مصادر «الشرق» أن عدداً من كبار رجال الدولة يتحدثون حول احتمالات ذلك التدخل باستسهال واضح، معتمدين على الضعف الواضح لقوات النظام السوري. ولكن رأيهم تراجع أمام رأي المؤسسات العسكرية والأمنية. يشار إلى أن «الشرق» كانت قد أشارت إلى أن التعزيزات العسكرية الأردنية على الحدود مع سوريا ما تزال في حدودها الدفاعية الوقائية. وفي سياق متصل ما يزال الأردن متشدداً مع أي تسلل لأي مقاتلين من الأردن إلى الأراضي السورية، على الرغم من التسهيلات الكبيرة التي يقدمها للقادمين من سوريا إلى الأردن، بمن فيهم من مسؤولين كبار مثل رياض حجاب رئيس الوزراء المنشق. وكشفت معلومات «الشرق» أن المقاتلين السوريين من الجيش الحر الذين لجأوا إلى الأردن في أوقات سابقة يواجهون تضييقاً لدى محاولتهم العودة إلى سوريا، وأنهم بعد السماح لهم بذلك من قبل الجيش الأردني يمنعون من حمل أية أداة قتالية معهم أثناء العودة. كما تقوم السلطات الأردنية بالاستمرار باعتقال سلفيين جهاديين أردنيين يحاولون العبور إلى سوريا، ويمْثل عدد منهم أمام محكمة أمن الدولة الأردنية بسبب محاولاتهم تلك.