كل عام وأنتم بخير، عيد سعيد، نعم هو عيد سعيد، نسعد به ونفرح ولو كره كارهو الفرح، ممن لا يحفظون لهذه المناسبة سوى جزء من شطر من بيت للمتنبي «عيد بأية حال عدت ياعيد، بما مضى أم بأمر فيك تجديد»، ولو طلبت من أحدهم أن يكمل البيت لن يعرف، وهناك من يردده ولا يعرف قائله. من لا يفرح في العيد لا يستحق الحياة، حتى لو بلغت همومه جبل أحد، فالعيد زمن يسكب كيمياء الفرح على المكان، هكذا بلا تفصيل أو تعليل، إنه أمر رباني لا حول لك فيه ولا قوة، ولن يفصل بينك وبين الانشراح في هذا اليوم سوى أمر رباني آخر. الأطفال في يوم العيد ينثرون السعادة حولهم، هكذا تجدهم فرحين مبتسمين رغم أن اليوم لا يعني لهم سوى ملبس جديد وكثير من الحلوى، لكن الحقيقة التي لا يعونها أنه كسر للروتين والتقليد وفرصة لممارسة الفوضى والانطلاق، فرحة الأطفال تكفي لتكون فرحا ولو من أجلهم. أما أبو الطيب المتنبي، وهو سيد الشعر وأيقونته العربية، فقد أخطأ علينا نحن بني جلدته، بأن جعل من قصيدته الدالية خالدة بمطلعها الجميل شعراً، البائس معنى ومآلا، فاستوطن المطلع في العقل العربي كالرثاء، والحقيقة أن المتنبي كان فعلا يرثي نفسه بعد أن أوقف عنه كافور العطاء الجزل، انتبه للفرق. لنفرح في العيد ونفرق الفرح على من حولنا، فلا شيء يستحق العناء والتمسك بالحزن، حتى وأنت تتذكر أحبابك المفارقين وهو الأصعب، تذكرهم بابتسامة وفاء وصدقة، وردد بيت المتنبي من ذات القصيدة : جود الرجال من الأيدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجود.