اعتادت سيدات مكة وفتياتها خصوصاً في العشر الأواخر من شهر رمضان على عادات تقليدية تربين عليها ونشأن على تأديتها، رغم عجلة التطور الكبيرة التي غيرت كثيراً من معالم الأسرة وعاداتها المختلفة، متخذات من المثل المكي الشهير (أوله لحَّام، وأوسطه قمَّاش، وآخره خيَّاط ) شعاراً يرفعنه مع قدوم الشهر المبارك قولاً وتطبيقاً. وأوضحت أم راكان أن للعشر الأواخر من رمضان المبارك خصوصية مختلفة، حيث تقسم سيدات مكة الشهر ثلاثة أقسام، حيث يبدأن بشراء أجود أنواع اللحوم الطازجة حتى ينقضي الجزء الأول منه، ليبدأن في اقتناء الأقمشة وزيارة الأسواق في العشر الثانية، فيما يخصصن الجزء الأخير من رمضان للخيّاط لحياكة الأقمشة، استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك. مضيفةً أن سيدات مكة يفرّغن أنفسهنّ آخر أيام الشهر للعبادة بشكل أكبر من الأيام التي سبقتها، فضلاً عن بعض العادات التي لا يمكن الاستغناء عنها، كشراء حلوى «قمر الدين» واستخدامها لتحضير أشهر الحلويات المكاوية والمعروفة باسم (الدبيازة) وهي عبارة عن مجموعة من المكسرات التي تتألف من الزبيب والبندق واللوز والمشمش الجاف وعين الجمل لتكون أول الأطباق التي تقدم على مائدة الإفطار يوم العيد. وقالت إن للعيد نكهة خاصة في مكة هي استعداد أهلها بطريقة مختلفة عن باقي المناطق، فوجود طبق (المنزلة) المعروف باللحم المغمور بالطحينة من أشهر أطباق العيد الذي يستعدون له في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وكشفت (أم عبدالله )، تعلُّق العوائل المكاوية بطبخ أطباق معينة لوجبة الإفطار في أول أيام العيد على رأسها طبق (المقلقل) المشهور في مدينة مكة، الذي لا تستغني عنه عائلة أم عبدالله سنوياً، وقالت «لا تشعر عائلتي بحلاوة العيد دون طبق المقلقل على المائدة». ولفتت (أم علي) استعدادها هي وعائلتها في العشر الأواخر لشراء حلوى العيد ولفها بمبلغ مادي بسيط كالريال أو الخمسة وتجهيزها ليتم توزيعها على أطفال العائلة، وإدخال البهجة والفرحة على قلوبهم. وقالت سيدة مكية إن من أهم عادات أهالي مكة في العشر الأواخر من رمضان هو تفرّغهم للعبادة وعدم التركيز على وجبة الإفطار، والتحضير لها كأول أيام رمضان؛ لانشغالهم بالعبادة بحيث تقتصر وجبة الإفطار آخر أيام رمضان على ما يسمى ب «التعتيمة» وهي عبارة عن مائدة مكونة من الجبن والزيتون والحلوى الشامية، التي تعتبر من أخف الأكلات ولا تحتاج لتحضير مسبق سوى تجهيزها قبيل أذان المغرب. وبينت الجدة فاطمة ل «الشرق» أن لديها 41 حفيدة موضحة أنها عوّدتهن على أن يكون الإفطار أول أيام العيد على «الشريك والفتوت» اللذين تحرص معظم بيوت الحجاز على جلب كمية كبيرة منهما خلال أيام العيد، ليقدما كفطور مع الجبن الأبيض والحلوى الطحينية والهريسة الحمراء، لذا نجد أن أسواق هذه المواد الغذائية تزدهر ليلة العيد، وهي أيضاً ما يُطلق عليها أهل الحجاز (النواشف).