هو خال الجنيد وأستاذه، وتلميذ معروف الكرخي. قال عنه ابن خلكان: «أحد رجال الطريقة وأرباب الحقيقة، كان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد». وهو ممن اختصهم الله بمقام الزهد والتورع عن دقائق الشبهات، وأكثر المباحات. وصفه أبو نعيم بأنه «شديد الهدي، حميد السعي، ذو القلب التقي، والورع الخفي، عن نفسه راحل، ولحكم ربه نازل». وكان يسميه الإمام أحمد: طيب الغذاء؛ لشدة ورعه. صاحب ميزان في الطريق يزن به السالكون أنفسهم. سئل عن المتصوف، فقال: «المتصوف اسم لثلاثة معان، وهو الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعه، ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه ظاهر الكتاب، ولا تحمله الكرامات على هتك محارم الله». اشتكى الحب يوما فأنشد: إذا ما شكوت الحب قال كذبتني فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا فلا حب حتى يلصق الجلد بالحشا وتذهل حتى لا تجيب المناديا ومما عرف به السري السقطي أنه إمام في الإشارات والدقائق الباطنية القلبية، وحركات النفس الخفية، فهو طبيب مرشد لنفوس السالكين إلى الله، وله في ذلك أقوال مستقيمة نافذة في منتهى الدقة والعمق. ومن ذلك أنه قال: لو أن رجلا دخل إلى بستان فيه من جميع ما خلق الله من الأشجار عليها جميع ما خلق الله من الأطيار، فخاطبه كل طير منها بلغته، وقال: السلام عليك يا ولي الله، فسكنت نفسه إلى ذلك كان في يديها أسيرا. ومن كلامه: انقطع من انقطع عن الله بخصلتين، أن يتخطى إلى نافلة بتضييع فرض، والثاني عمل بظاهر الجوارح لم يواطئ عليه صدق القلوب. واتصل من اتصل بالله بأربع خصال: لزوم الباب، والتشمير في الخدمة، والصبر على المكاره، وصيانة الكرامات. وكان كثير اللائمة على من يأكلون بدينهم، ويرى ذلك من النذالة. وأرسل إليه الحسين بن حرب ولده عليا بدواء للسعال ولم يخبره بثمنه، فقال رضي الله عنه: اقرأ عليه السلام وقل له: نحن نعلم الناس منذ خمسين سنة ألا يأكلوا بأديانهم، ترانا اليوم نأكل بأدياننا؟ وله مواقف عديدة وكلام رفيع في هذا الشأن، وقد نسبت إليه بعض الأقوال في خلق حروف القرآن، وفي أن نعيم المحب لله يفوق نعيم بعض الأنبياء، وهذه لا تتفق مع منهجه العام كما هو معلوم.