فيما تدعي وزارة الشؤون الاجتماعية أنها تسمح لما يعرف بالأسر الصديقة لليتيم باستضافة الأطفال ولكن – ركزوا على هذه «اللاكن»- الموافقة مشروطة بنتائج بحث ستجريه الوزارة لمعرفة سلوك وثقافة وطبيعة الأسرة التي ترغب في استضافة يتيم أو أكثر ومعرفة النشاط الذي ستقوم به. هي في نفس الوقت الوزارة ذاتها التي لم تكلف نفسها عناء ترتيب البيت الداخلي المترهل، والنظر في أوضاع الأيتام والدور التي يقيمون فيها. قبل مدة بسيطة كتبت عن نزيلات دار الحنان اللاتي قلن بالحرف الواحد: «نعاني من الإهمال الكبير من المشرفات والمربيات والاختصاصيات الاجتماعيات والمراقبات، ومن عدم الاهتمام بنا، لا أحد لنا إلا الله ثم الدولة، ونحن أكثر من ستين يتيماً ويتيمة، تتراوح أعمارنا من العام الواحد إلى 16عاماً، وجميعنا نعاني من سوء التغذية، والعنف الجسدي، والضرب والحالات النفسية غير المستقرة بسبب التعنيف المستمر من المسؤولات عن الدار» . وأكدت كلامها إحدى المشرفات. الحقيقة المرة والفاجعة أن وضع الأيتام في «مملكة الإنسانية» موجع. بين مطرقة الوزارة وسندان المجتمع. الوزارة تكتفي باستمرار مسيرة البناء والتنمية وتؤكد أن القناعة كنز لا يفنى. ولا أشاهد من أخبارها إلا صورا أنيقة يتم التقاطها بين الحين والآخر «لطلعة بهية» تتبسم متوسطة الأطفال اليتّم. و بالطبع إعلانٌ صحفي رشيق عن ورش عمل وخرائط طريق! والمجتمع رغم كل ما فيه من خير لا يستطيع أن يقدم حلولاً سحرية بل هو كما يقول بودلير «السكين والجرح!». إنها كارثة مخجلة مبكية. لا برامج حقيقية لاندماج «أحباب الله» مع المجتمع، لا جبر للخواطر المكسورة، اليتيم يظل متحرجاً من اسمه، مشتكياً من وجود اسم الدار التي يعيش فيها على الأوراق الرسمية، مهزوما مكسور الوجدان يلجأ إلى الانتساب لقبيلة شهيرة ليداري خجله، وفشل الوزارة، وهزيمتنا..يالهذا العالم المتوحش!