أكد الشاعر علي الغدير أن والده كان أول من أحضر التلفزيون الأبيض والأسود في «الفريج»، ولاحقاً كان أول من اشترى التلفزيون الملون، حيث كان يعمل في خفر السواحل في وظيفة «رئيس النواخذة»، أي المسؤول عن «اللنشات» وسفن صيد الأسماك الموجودة في «الفرضة». وهذا الكلام قبل أربعين سنة تقريباً، عندما كانت المحطات التلفزيونية ليست كما هي اليوم بالمئات، وكانت في البداية لا توجد سوى محطة «أرامكو» من الظهران، وتلفزيون البحرين. وكانت تبث لساعات معدودة في اليوم الواحد، وبعد سنوات تطورت، وأصبح معظمها يفتح الساعة العاشرة صباحاً، ويغلق الساعة 11 أو 12 مساء. ومن البرامج التي كنا نتابعها برنامج الشيخ الطنطاوي، يرحمه الله، كما كنا نتابع أيضاً برنامج «حق مشقاص» أيام الأبيض والأسود. وأذكر أنه في رمضان كان بائعو اللحم المشوي «التكة» في شوارع وأزقة الدمام كثيرين، وكانت البيوت والمجالس مفتوحة في رمضان. وأضاف أن الناس في رمضان أيام طفولته كانوا يجلسون غالباً في «الحوش»، لأن الكهرباء كانت تنطفئ كثيراً، وكنا نلعب الألعاب الشعبية التي اختفت الآن. وأتذكر – وأنا صبي – أن من هم أكبر مني سناً كانوا يجتمعون في رمضان عند الشيخ حمد بوبشيت، يرحمه الله، الذي كان يقرأ القرآن على الناس، والناس تحترمه كثيراً وتجله. ومن طقوس أيام زمان، المسحر «كان في البداية يمشي على قدميه، ثم أتى على حمار، ثم أتى في سيارة، ثم اختفى. وأشهر مسحر في الدمام «أبوعلوص»، يرحمه الله. كان يأتي قبل الآذان الأول، وكذلك كان أهالي «الفرجان» يودعون رمضان بما يسمى «الوداع» في الأيام الأخيرة من رمضان، ثم بعد ذلك يأتي المسحر يأخذ «العيدية»، ومعه «القاري والحمار»، وكل منزل كان يعطيه المقسوم. وكان أطفال «الفريج» يلحقون بالمسحر، ويحسون بالسعادة لمجرد رؤيته، وفي السابق كانت الأمور مفتوحة، ليس كما هو الحال الآن، حيث لا تعرف حتى جارك. وكانت قلوب أهل «الفريج» قريبة من بعضها، وكنت ترى «الصحون» تأتي قبل المغرب من بيت فلانة لبيت فلانة، وتخرج من بيت علانة لبيت فلانة، منظر البنات والأولاد يحملون الصحون على رؤوسهم، أو في صدورهم، متجهين إلى بيوت «الجيران» في «الفريج»، كان يسر الخاطر، ويفتح الشهية قبل الإفطار. وكانت نساء «الفريج» تقول كل واحدة للأخرى عما ستطبخه في الغد، بحيث لا تتشابه أطباق «الفريج». كانت هذه أشياء جميلة، ونادراً ما تصادفها في أيام رمضان الحالي. حتى أن بعض الأطباق الرمضانية المعروفة اختفت، أو كادت، مثل «الهريس»، أو «الفريد»، أو «الساقو»، أو «البلاليط».