احتفل التلفزيون المصري في الصيف الماضي بمرور خمسين سنة على تأسيسه وشمل الحفل تكريم الرواد الذين ساهموا في نشأته وبداياته. ويعتبر التلفزيون المصري عمليا أول تلفزيون عربي بالمعنى المعروف للتلفزيون ورغم أن العراق سبقت مصر بالبث التلفزيوني إلا أن البث العراقي كان بثا تجريبيا لم يرق لمفهوم المحطة التلفزيونية المتكاملة. وقد بدأ التلفزيون السعودي بالأبيض والأسود قبل ستة وأربعين سنة وكنت أيامها طالبا صغيرا وكان أحد اخوتي من المغرمين بالتلفزيون وهو لازال كذلك الى الآن واتذكر ذهابه للصحيفة بعد العصر حيث يتمجهر الناس امام محل تجاري في واجهته تلفزيون. ثم امتلكنا التلفزيون الأسود والأبيض وتولعنا بأفلام الكرتون وبرنامج الأطفال ومازلت أتذكر بعض أناشيده كما أتذكر كوميديا مشقاص ونكات لطفي زيني والمسلسل الأمريكي فرقة الأبطال. ولكاتب المقال تاريخ إعلامي لا بأس به فقد استدعتنا الاذاعة في المرحلة الابتدائية مع مجموعة من الطلاب للمشاركة في برنامج الاطفال الذي كان يقدمه الاستاذ عباس غزاوي رحمه الله. ويبدوا اننا لم نعجب الاستاذ لا من ناحية الشكل ولا من ناحية الهندام كما ان أناشيدنا لم تطربه فقال لنا بوضوح : انتو صراحة دمكم ثقيل جدا وبعد هذه الشهادة عدنا الى المدرسة ولم نعرف بعدها الطريق لبرنامج الاطفال. كما شاركت اثناء دراستي الثانوية في برنامج مسابقات للمذيع محمد امين وأذكر انه اطلعنا شفهيا قبل بدء الحلقة على الاسئلة مع الأجوبة لكنه لم يسمح لنا بكتابة مايقول وقال ان هدف هذا التسريب هو الا نفضحه بجهلنا أمام المشاهدين. كما شاركت في نفس المرحلة مع مجموعة من طلبة الثغر الثانوية ككومبارس صامت يستمع لحديث الشيخ الجليل علي الطنطاوي رحمه الله. ومن الأشياء التي لا أنساها مشاركتي في برنامج مسابقات للاستاذ بدر كريم اسمه (اعرف مهنتي) وكان دوري في المسابقة ان أجيب بلا او نعم فقط ورغم تفاهة دوري في المسابقة فإن المتسابقين لم يعرفوا مهنتي المفترضة وهي وظيفة لبّان وكسبت ثلاجة اربعة عشر قدم اخذتها مباشرة من استوديو التلفزيون. ولكن حدثت مشكلة عند اخراج الثلاجة عصرا من مبنى التلفزيون حيث لم أجد من يساعدني على حملها الا بعض أصحاب الشهامة من المتسابقين كما انني بذلت مجهودا لاقناع رجل الأمن على باب التلفزيون باني كسبت الثلاجة وانها ليست مسروقة ولكنه لم يقتنع إلا بعد أن حضر الاستاذ بدر كريم وأدلى بشهادته ثم كانت مشكلة العثور على دباب لنقل الثلاجه الى البيت وحيث ان في بيتنا ثلاجة فقد تبرعت بهذه الثلاجة لمنزل جدتي رحمها الله. أتمنى أن نحتفل برواد التلفزيون السعودي وكثير منهم مازال على قيد الحياة كما أتمنى ان يعاد بث البرامج القديمة بالأسود والأبيض وخصوصا ذلك البرنامج الذي كسب فيه مواطن صغير ثلاجة أربعة عشر قدم.