مكة المكرمة – أشواق منصور نفسية: زواج المسنة حق لها ولا داعي لبحث المجتمع عن مبرارته. العبيكان: من حق المرأة صغيرة كانت أو كبيرة أن تتزوج وتعف نفسها. اختلف المجتمع حيال زواج المرأة المسنة، أرملة كانت أم مطلقة بين مؤيدين ومعارضين، فمنهم من رأى أن من حقها الزواج بعد سنوات قضتها في تربية أبنائها، ومنهم من حكم عليها بالبقاء على ذكرى زوجها والتخلي عن متطلباتها التي لايمكنها توفيرها إلا بوجود رجل، وإن شذت عن القاعدة ورغبت في الزواج من رجل يؤنسها ويشاركها وحدتها، رمقها المجتمع بنظراته، إلى جانب ما تتعرض له من سخرية واستهزاء، رغم تأكيد الشرع على جواز ارتباطها في سن كبير. قرار شخصي وكشفت المسنة أم بندر “ستون عاما” عن سبب زواجها من مسن يكبرها ب15عاما، فرغم رفض أبنائها للفكرة، إلا أنها أصرت على قرارها وطلبت من إحدى الخطابات في مكةالمكرمة البحث لها عن زوج، وقالت أم بندر«كنت بحاجة لمن يشاركني حياتي وهمومي، خاصة بعد انشغال أبنائي وبناتي بحياتهم ومكوثي معظم الوقت بمفردي، فأقدمت على هذه الخطوة رغم خوفي من خسارة أبنائي، خلافا عن سخرية من حولي، وساهمت قناعتي بالأمر في زواجي دون تفكير بما سيقال». وأشار أحد أبناء أم بندر المعارضين على زواجها – فضل عدم الإفصاح عن اسمه- أنه رأى في زواج أمه وهي في هذا العمر مايسوء به، حيث سيظهره ذلك في صورة الابن العاق المقصر في تلبية متطلبات والدته، لافتا إلى أنه لاقى لوما كبيرا ممن حوله لظنهم أنه مقصر. تهديد بالقتل وأوضحت الخطابة أم سعد ل «الشرق» أنها سبق وأن تعرضت لتهديد بالقتل من أبناء مسنات طلبن منها البحث لهن عن أزواج، مبينة أن بعض المسنات يطلبن منها توفير مواصفات معينة فيمن يرغبن الزواج به كحال الفتيات الصغيرات، وقد يشترطن عمرا محددا أكبر أو أصغر منهن. ولفتت أم سعد أن الشباب أصبحوا يطلبون منها البحث عن نساء يكبرنهم بسنوات لزواج المسيار، وقالت «لم أصدق ما كان يطلبه الشباب مني، وتعمدت كثيرا أن لا أجد لهم طلبهم ظنا مني أنه « طيش شباب»، إلا أني وجدت منهم إصرارا، فهم يعاودون الاتصال بي، وقد زاد طلب الشباب على المسنات أكثر من الصغيرات». قضاء حاجياتها وأكدت المستشارة الأسرية الزوجية في مؤسسة الفرحة للإعلام عفاف شرف ل»الشرق» أن المرأة تحتاج بعد وفاة زوجها أو طلاقها إلى رجل يساعدها على قضاء حاجياتها الحياتية، خاصة أن المجتمع العربي ذكوري، فمن الصعب أن تكون قادرة على تلبية حاجياتها وحدها، باعتبار أن بنية المرأة ضعيفة أمام المهمات التي يقوم بها الرجل. وبينت شرف أن للمرأة المسنة حق في الزواج كالرجل تماما، وقالت» قد لا يكون زواج أغلب المسنات بحثا عن حب أو علاقة بقدر ما هو حاجة، وحتى إن كان لمقصد إشباع الغرائز، فما المانع طالما لم يكن فيه مخالفة للشرع، فقد ضحت النساء بسنوات شبابهن لأجل تربية أبنائهن، وبعد أن أدين رسالتهن أليس من حقهن الاستمتاع بحياتهن؟» مبررات للمجتمع وطالبت رئيسة إدارة جمعية حماية الأسرة الاستشارية النفسية سميرة الغامدي المجتمع بعدم البحث عن مبررات لزواج المرأة المسنة، فهو حق لها، ما دامت تتمتع بصحة جيدة وقادرة على متطلبات الحياة الزوجية، مشيرة أن المرأة المسنة تشعر بفراغ كبير، خاصة بعد تقاعدها من عملها وزواج أبنائها. وأضافت» من الطبيعي أن تبحث المسنة عن الحب والاهتمام والاحتواء». مقاصد الزواج وأبان الشيخ الدكتور عبد المحسن العبيكان ل «الشرق» أن من حق المرأة صغيرة كانت أو كبيرة أن تتزوج وتعف نفسها، وقال العبيكان» تُشكر المرأة على رغبتها في تكوين أسرة وإن كان زوجها أصغر منها». وحول ما شاع عن عدم جواز ارتباط المسنة برجل وهي غير قادرة على تلبية واجباته الزوجية، أكد العبيكان على جواز ذلك في حال رضى الزوج، لافتا أن هناك بعض الرجال الذين يتزوجون فقط ليجدوا من يؤنس حياتهم، ليشعروا بالاستقرار بعيدا عن الوحدة، وأضاف» الزواج له مقاصد عدة وليس مقصدا واحدا كما يظن البعض، فهناك من يريد الأولاد، وهناك من يريد الاستمتاع، وهناك من يرغبفي حياة زوجية سعيدة مع امرأة تؤنسه ويؤنسها». زواج مسيار وأكد المأذون الشرعي أبو عبدالرحمن أن نسبة زواج المسنات ارتفعت إلى 30%، مرجعاً ذلك إلى مغريات وفتن المجتمع، التي زادت من حاجة المراة إلى الارتباط، إضافة إلى أن منهن من يردن تعويض حقوقهن التي حرمن منها في زواجهن الأول، وذلك من خلال تجربة ارتباط أخرى. وكشف أن أكثر المسنات اللاتي عقد لهن قد ارتبطن برجال أصغر منهن بعشرات السنين، وأغلب زواجهن مسيار، مضيفا أن الشباب أصبحوا يقبلون على الزواج من كبيرات السن لأنهن يتنازلن عن أغلب حقوقهن سواء في المبيت أو المسكن ويقبلن بالمسيار. توافق العلاقة وأوضح المحامي خالد أبو راشد أن الشريعة لم تضع حدا لعمر المرأة التي يجوز ارتباطها، فإن اكتملت أركان نكاحها كان الزواج صحيحا، حتى وإن كانت في عمر كبير، منوهاً إلى ضرورة تأكد كلا الزوجين من توافق علاقتهما قبل عقد النكاح، مؤكدا أن معاملات طلاق المسنة لا تختلف عن الحالات الأخرى وليس للسن دور فيها.