يسوق بعض الرجال العديد من الدوافع التي قادتهم لزواج المسيار، كعجزهم عن تحمل أعباء الزواج المادية، وتقليل نسبة العنوسة في المملكة، والظروف الاجتماعية، والأسرية، وقد اشتقت كلمة المسيار من السير، أي زيارة الزوجة في أوقات معينة، حيث تتنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية الواجبة على الزوج بموجب اتفاق، وما ساعد في انتشار هذا النوع من الزيجات، توافر الفنادق والشقق المفروشة ذات الخصوصية العالية. «الشرق» أجرت عددا من اللقاءات مع متزوجي المسيار، الذين كشفوا عن العديد من خفاياهم. سرية تامة يقول رجل أعمال شهير»تحتفظ الشرق باسمه» (متزوج ولديه خمسة أطفال)، « تزوجت خمس مرات زواج مسيار على يد خطابة شهيرة تدعى أم عبدالرحمن، حيث تم الأمر كما أريد بسرية تامة».ويضيف» لا أتزوج مسيارا بدافع الخوف؛ بل لأنني أكره جرح مشاعر زوجتي، فقد وقفت معي كثيرا، إلا أنها جدية وغير محبة للسفر، بعكس شخصيتي المحبة للمرح، وكوني رجل أعمال، فأنا كثير السفر وبحاجة لوجود زوجة معي»، مضيفا «اشترطت في كل زيجاتي السابقة الشروط ذاتها، وأن تكون الزوجة جميلة وذات شخصية مرحة وتقبل بسرية الأمر وعدم الإنجاب، وأن يتم لقائي معها تبعا لتوافق وقتي، في إحدى الشقق المفروشة». ويبيّن سبب طلاقه ممن تزوجهن مسيارا سابقا، قائلاً «يكلفني هذا الزواج من عشرة إلى 15 ألف ريال، وانفصلت عنهن بسبب طمعهن في غالب الأمر، فما أن ترى الواحدة منهن أنني قد ارتحت في المعيشة معها حتى تزداد مطالبها، إضافة إلى رغبتهن في إشهار الزواج والإنجاب رغم اشتراطي عليهن منذ البداية، فيحدث الطلاق وفقا لهذه الأسباب». ويوضح هدفه من إقدامه على زواج المسيار، ويقول» هدفي السعادة والتمتع بما أعطاني الله بحدود الحلال، رافضا أن تقوم إحدى بناته بهذا الزواج، معللا أن مَنْ تتزوج بهذه الطريقة عادة ما تكون لديها ظروف معينة لا تنطبق على ابنتي أو أختي»، مختتما حديثه بأنه ليس الوحيد الذي تزوج مسيارا، فالكثير من رجال الأعمال يتزوجون بهذه الطريقة داخل المملكة وخارجها. سفر زوجتي المتكرر ويبرر سالم محمد زواجه مسيارا لمرتين، فيقول» أتزوج بسبب سفر زوجتي المتكرر عند أهلها لفترات تمتد لشهرين أو أكثر، حيث كلفني الزواج الأول سبعة آلاف ريال، بينما كلفني الزواج الثاني خمسة آلاف ريال، وعلى الصعيد الشخصي كلفني الكثير، فقد أخلت زوجتي الثانية بالشروط وحدث حملها، فصبرت إلى أن أنجبت الطفل وتم طلاقي منها، وتكفلت بالطفل وسعيت أن يعيش حياة طبيعية، مضيفا» زوجتي الأولى لا تعلم عن وجود هذا الطفل، وكذلك أطفالي وأهلي، ولا أدري متى سيحين الوقت الذي أعترف للجميع بهذا الطفل، وأتمنى ألا يكون سببا لتحطيم حياتي الزوجية مع أم أبنائي». ظروف قاسية ولم يقتصر الإقبال على زواج المسيار بالرجال فقط، بل يوجد من الفتيات مَنْ تجبرهن ظروفهن القاسية على هذا الزواج، منهن «هيا» التي توفي والداها في حادث مروري، وعاشت مع أشقائها عند أقاربها لفترة لم تطل، وتوضح» بدأ تذمر أقاربي مني ومن أشقائي وكثرت المضايقات لنا، إلى أن نصحتني صديقتي باللجوء للخطابة، كي تدبر لي زواجا مسيارا يتم حسب شروطي، التي من أهمها توفير مصروف شهري بمبلغ خمسة آلاف ريال، إضافة إلى دفع إيجار منزل لي ولأشقائي، وحصل ما أردته، وتزوجت برجل يكبرني بعشرين عاما، وقد وافق على جميع شروطي مقابل تنازلي عن بعض حقوقي، كالإشهار بالزواج والإنجاب»، وتضيف» لا يهمني مستقبلي، وإخواني يشغلون كامل اهتمامي، فأتمنى نجاحهم وإنهاء تعليمهم، ومستعدة للتضحية من أجلهم أكثر». هروب من العنوسة وتقول الممرضة في أحد القطاعات الصحية مها التي تبلغ من العمر 34عاما، «إن عملي في القطاع الصحي يمثل حجر عثرة أمام زواجي، فالناس تنظر لهذا القطاع نظرة غير مرضية، وهذا ما دفعني لزواج المسيار هروبا به من العنوسة، حتى إنني تنازلت عن النفقة لاكتفائي براتبي، وبالنسبة للإنجاب، فأنا على يقين بأن زوجي سيسمح لي بالإنجاب يوما ما». خطابة مسيار وترجع أشهر خطابة مسيار في المنطقة الشرقية أم عبد الرحمن السبب في إقبال الرجال على هذا الزواج لظروفهم المادية والاجتماعية، إضافة إلى حالات الأرامل والمطلقات وتيتم بعض الفتيات والعنوسة، تقول «أبحث عن الشروط المطلوبة من الرجال والنساء وأسعى لتوفيرها قدر الإمكان، كما أن نسبة كبيرة من رجال الأعمال يبحثون عن زواج المسيار للمتعة وليس للحاجة أو للظروف، حيث يشترطون جمال المرأة والسرية» مبينة أن منهم رجال أعمال لا يتورعون عن دفع مبالغ ضخمة والزواج والطلاق لأكثر من مرة، وتضيف «يعود الرجال لي مجددا كي أبحث لهم عن زوجة بالطريقة نفسها التي سبقتها، كما أن بعض الفتيات يتزوجن مسيارا أكثر من مرة لأهداف مادية واضحة، وما عليّ إلا أن أجد لكل راغب أو راغبة بالزواج ما يريد وأخذ أجري، ويتوقف دوري عند هذا الحد». فتاوى وأحكام وفى فتوى سابقة للشيخ عبدالمحسن العبيكان، قال: «إن الله عز وجل لما شرع النكاح، جعل له أركانا وشروطا لصحته، فلا يصح النكاح إلا إذا كان مشتملا على هذه الأركان، منها خلو الزوجين من الموانع، بمعنى ألا تكون المرأة محرمة على الخاطب لأنها من محارمه، أو ذات زوج أو معتدة من طلاق زوج آخر، أو محرمة عليه بالرضاع، أو أنها بعصمة زوج مَنْ لا يصح له الجمع بينها وبين مخطوبته، كأن تكون أختها أو خالتها أو عمتها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، ولأن الله تعالى قال في معرض الحديث عن المحرمات من النساء: «وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف»، إضافة إلى ركن الإيجاب من ولي المرأة، وركن القبول من الزوج» مبينا أن مَنْ عقد على امرأة مع اختلال ركن من هذه الأركان، فنكاحه باطل، ويفرق بينه وبين المرأة في الحال، ويجب استبراء رحم هذه المرأة قبل أن تتزوج غيره، ويكون الاستبراء بحصول حيضة، إن كانت ممن يحضن. وأوضح العبيكان أن هذا الزواج يشترط فيه بعض الشروط، منها تعيين الزوجين، بأن تتميز المرأة المخطوبة عن غيرها، وذلك بأن يذكر اسمها أو صفتها، وإن لم يكن للأب غيرها من البنات، فعليه أن يقول «خطبت ابنتك»، وكذلك في حق الرجل، لا بد من تمييزه عن غيره، بحيث تعرف المرأة هذا الخاطب محددا وحقيقة.وبيّن العبيكان أهمية رضا الزوجين، فلا يجوز أن تجبر المرأة على الزواج بمَنْ لا تريده، وكذلك الرجل، لا يجبر على الزواج ممن لا يريد، واستثنى من الشرط الصغيرة التي دون سن التاسعة، فيزوجها أبوها، أي يعقد لها عقد النكاح فقط أو وصية، عند اقتضاء المصلحة لذلك، مبينا أنها في هذه السن لا تعرف مصلحة نفسها، وربما تكون هناك مصلحة تقتضي عقد نكاحها، ومن عادة الأب أنه لا يُقدم على تزويج ابنته في هذه السن، إلا في ظروف معينة ومحددة. وأضاف على تلك الشروط، عدم جواز زواج المرأة إلا بوجود ولي يتولى تزويجها، مبينا أن هذا الشرط هو قول جمهور الفقهاء، باستثناء الإمام أبي حنيفة رحمه الله. إضافة إلى شرط الشهادة، فمنع صحة النكاح إلا بوجود شاهدين عدلين ذكرين مكلفين سميعين ناطقين، مستدلا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا «البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة».وبيّن العبيكان جواز نكاح المسيار إذا استوفى لجميع الشروط والأركان المذكورة.